Translate

الثلاثاء، 12 أبريل 2022

جزء واحد من س و ج في أحكام الجنائز

 

عنوان الكتاب  الجامع لأحكام الجنائز في سؤال وجواب

المؤلف  ندا أبو أحمد  وصف الكتاب 
ملف منوع يحتوي على :
1ـ ما ينبغي فعله في حال الاحتضار
2ـ ما ينبغي فعله بعد الوفاة
3ـ الغُسْلُ بين المشروع والممنوع
4ـ الكفن بين المشروع والممنوع
5ـ صلاة الجنازة بين المشروع والممنوع
6ـ تشييع الجنازة بين المشروع والممنوع
7ـ الدفن بين المشروع والممنوع
8ـ التعزية بين المشروع والممنوع
9ـ ما ينفع الميت بعد الموت

روابط التحميل





من مشكاة 

========

 1.ـ المشروع والممنوع حال الاحتضار

(قـبـل الـوفــاة)

M

  إن الحمد لله تعالى نحمده   ونستعينه  ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا،  من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا ِِإله إلا الله وحده لا شريك له،  وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.....

 

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ }         (سورة آل عمران: 102)

 

{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}     (سورة النساء: 1)

 

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا }          (سورة الأحزاب:70،71)

 

أما بعد...،

فإن أصدق الحديث كتاب الله – تعالى- وخير الهدي هدي محمد r وشر الأمور محدثاتها، وكل

محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

 

 

س: ما هي الأمور التي ينبغي أن يفعلها من نزل به الموت ؟ أو من نزل به مرض الموت ؟

  هناك أمور تفعل من قبل المحتضر، وأمور تفعل لمن حضر الاحتضار

أولاً: الأمور التي يفعلها من نزل به مرض الموت:

1ـ الرضا بقضاء الله، والصبر على قدره:

فقد أخرج الإمام مسلم أن النبي r قال:

" عجباً لأمر المؤمن أن أمره كله خير وليس ذاك إلا للمؤمن، إن أصابته سرَّاء شكر فكان خيراً له، وإن أصابه ضرَّاء صبر فكان خيراً له "

 

2ـ أن يحسن الظن بالله تعالى، وقد أمر النبي r بحسن الظن بالله تعالى عند الموت:

أخرج الإمام مسلم من حديث جابرt أن النبي r قال:

"لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله تعالى"

قال العلماء: هذا تحذير من القنوط وحث على الرجاء عند الخاتمة، ومعنى حسن الظن بالله تعالى، أن يظن أنه يرحمه ويعفو عنه "                                                       (شرح النووي:17/214)

وفي مسند الإمام أحمد عن أبي هريرة t عن النبي r عن الله تعالى: قال:

" أنا عند ظن عبدي بي، إن ظن خيراً فله، وإن ظن شراً فله "            (الصحيحة:4/25)

 

3ـ أن يكون بين الخوف والرجاء:

أخرج الترمذي من حديث أنس t قال:

أن النبي r دخل على شاب وهو بالموت، فقال: كيف تجدك؟ قال: والله يا رسول الله إني أرجو الله وإني أخاف ذنوبي، فقال رسول الله r: "لا يجتمعان في قلب عبدٍ في مثل هذا الموطن إلا أعطاه ما يرجو وأَمَّنه مما يخاف".

تنبيه:

استحب السادة العلماء تغليب الرجاء على الخوف حال الاحتضار، بل ذهب البعض إلى استحباب الاقتصار على الرجاء فقط؛ حتى يحسن ظنه بالله.

 

 

4- عـدم تـمني لمـوت:

فقد أخرج البخاري عن أبي هريرة t قال سمعت رسول اللهr يقول:

"لا يتَمَنَّيَنَّ أحدكم الموت إما محسناً فلعله أن يزداد خيراً، وإما مسيئاً فلعله أن يُسْتَعْتَب"

ـ يُسْتَعْتَب: يسترضي الله بالإقلاع والاستغفار، وقيل: يُستعتب: أي يرجع عن موجب العتب عليه.

وفي رواية عند مسلم:

"لا يتمنَّى أحدكم الموت ولا يدع به من قبل أن يأتيه، إنه إذا مات أحدكم انقطع عمله، وإنه لا يزيد المؤمن عمره إلا خيراً"

وأخرج البخاري عن أنس بن مالك t قال: قال رسول الله r:

"لا يتَمَنَّيَنَّ أحدكم الموت لضر نزل به – وفي رواية: من ضر أصابه - فإن كان لابد فاعلاً فليقل:" اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي، وتوفَّني إذا كانت الوفاة خيراً لي"

 

5- أن يؤدي ما عليه من حقوق إن تيسر له ذلك، و إلا أوصى بذلك:

وذلك لما رواه البخاري أن النبي r قال:

"من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرضه أو ماله فليؤدها إليه قبل أن يأتي يوم القيامة، لا يُقْبَل فيه دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه وأعطى صاحبه، وان لم يكن له عمل صالح أخذ من سيئات صاحبه فحملت عليه".

 

6- أن يكـتـب الوصـيـة:

فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث ابن عمر – رضي الله عنهما – أن النبي r قال: "ما حق امرىء مسلم يبيت ليلتين وله شيء يريد أن يوصى به إلا وصيته مكتوبة عند رأسه"

قال ابن عمر  ـ رضي الله عنهما ـ:

"ما مرَّت علىَّ ليلة منذ سمعت رسول الله r قال ذلك إلا وعندي وصيتي".

 

أ ـ ويستحب أن يوصي لأقربائه الذين لا يرثون منه:

لقوله تبارك وتعالى:

{كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ }(البقرة:180)

 

ب ـ وله أن يوصي بالثلث من ماله:  

بل الأفضل أن ينقص منه

لقوله r الثابت في صحيح البخاري ومسلم عندما قال لسعد بن أبي وقاص t:

"الثلث والثلث كثير"

الحديث بطوله في صحيح البخاري ومسلم عن سعد بن أبى وقاص t قال:

"قلت يا رسول الله: أوصِي بمالي كله؟ قال: لا. قلت: فالشطر؟ قال: لا، قلت: فالثلث؟ قال: فالثلث والثلث كثير،إنك إن تدع ورثتك أغنياء، خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس"

ـ الشطر: النصف.

قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ:

"وددت لو أن الناس غضوا من الثلث إلى الربع، لقول النبيr: الثلث والثلث كثير".

 

جـ- ويشهد على ذلك رجلين عدلين مسلمين:

فإن لم يوجد فرجلين من غير المسلمين

لقوله تبارك وتعالى:

{يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ }              

                                                                     (المائدة:106)

د- ويجب عليه أن يُوصِي أن يُجَهَز ويُدْفَن على السنة

قال النووي – رحمه الله – في الأذكار:

ويستحب له استحباباً مؤكداً أن يوصيهم اجتناب ما جرت به العادة من البدع في الجنائز.

 

 

 

 

 

 

 

هـ- ويحرم الإضرار في الوصية:

كأن يوصي بحرمان بعض الورثة من حقهم من الورث، أو يفضل بعضهم على بعضهم.

قال تعالى: {لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً} (النساء:7)، وقد قال تعالى: { مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ{12} تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ{13} وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ{14} (النساء:12ـ14)

قال ابن عادل ـ رحمه الله ـ:

اعلم أن الإضرار في الوصية يقع على وجوه منها:-

أن يوصى بأكثر من الثلث، أو يقر بكل ماله أو بعضه لأجنبي ،أو يقر على نفسه بدين لا حقيقة له دفعاً للميراث عن الورثة. أو يقر بأن الدين الذي كان له على فلان استوفاه منه.

أو يبيع شيئاً بثمن رخيص، ويشترى شيئا بثمن غال. كل ذلك لغرض أن لا يصل المال إلى الورثة، أو يوصى بالثلث لا لوجه الله، لكن لغرض تنقيص الورثة، فهذا هو الإضرار في الوصية.

- ومن الأضرار في الوصية: أن يوصي على أطفاله من يعلم من حاله أنه يأكل مالهم، أو يكون سبباً لضياعه؛ لكونه لا يحسن التصرف فيه... أو نحو ذلك.

- ومن الإضرار كذلك في الوصية: أن يلجأ البعض إلى التحايل بالبيع الصوري لابنته الوحيدة، لإسقاط حقوق أخوته في الميراث، وفريق آخر يسقط حق بناته في الميراث بالبيع الصورى لأولاده الذكور.

 وفي الحديث: " إن الله قد أعطى لكل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث"

فلو أوصى لأحد الورثة، فلا تنفذ إلا أن يرضى بقية الورثة، وكذلك لو أوصى في أكثر من الثلث.

وقد قال ابن عباس – رضي الله عنهما- كما مر بنا: 

"وددت لو أن الناس غضوا من الثلث إلى الربع، لقول النبيr: الثلث والثلث كثير".

 

 

 

 

والواجب أن مَن اقتطع حق الورثة بمثل هذا الإضرار، أن يبادر برد الحقوق لأصحابها، وعلى الموصي أن يتقي الله في نفسه وفي الورثة، لاسيما في هذه الحالة التي يصدق فيها الكاذب، ويتوب فيها الفاجر، فإقدامه على الإضرار في الوصية دليل  ظاهر على قسوة قلبه، وفساد عقله، وغاية جرأته، ويُخْشَى عليه أن يختم له بشر عمله فيدخل النار.

فقد أخرج الترمذي وأبو داود عن أبى هريرة t أن رسول الله r قال:

"إن الرجل ليعمل والمرأة بطاعة الله U سبعين سنة، ثم يحضرهما الموت، فيضاران في الوصية فتجب لهما النار، ثم قرأ أبو هريرة t:{ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللّهِ ...} حتى بلغ {... وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (النساء: 12-13)                    (ضعيف)

 

و- والوصية الجائرة باطلة مردودة:

1ـ فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث عائشة- رضي الله عنها- قالت: قال رسول اللهr:

"مَن أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"

2ـ وأخرج مسلم من حديث عمران بن حُصَين t:

"أن رجلاً اعتق عند موته ستة رَجْلةٍ (رجال) لم يكن له مال غيرهم، فجاء ورثته من الأعراب، فأخبروا رسول الله r بما صنع، قال: أوفعل ذلك؟ لو علمنا ما صلينا عليه، فأقرع بينهم، فأعتق منهم اثنين، ورد أربعة في الرق".

وقال الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله ـ  كما في فتح الباري (5/ 357):

إن كانت الوصية غير جائزة أو غير ذلك من الأمور الغير معقولة فلا تنفذ

ملحوظة:

الحديث الذي أخرجه ابن ماجة عن جابر t مرفوعاً:

"من مات على وصية مات على سبيل وسنة، ومات على تُقَى وشهادة، ومات مغفوراً له"

                                                              (حديث ضعيف، ضعفه الألباني في ضعيف الجامع:5860)

 

 

 

 

سُئل الشيخ/ ابن باز – رحمه الله -: 

هل كتابة الوصية واجبة، وهل يلزم لها شهود ؟ حيث إنني لا أعرف النص الشرعي أرجو إرشادي إليه؟

الإجابة: تكتب الوصية حسب الصيغة التالية:

أنا فلان أو فلانة بنت فلان أوصي بأني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وأن الجنة حق والنار حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث مَن في القبور، وأوصي من تركت من أهلي وذريتي وسائر أقاربي بتقوى الله، وإصلاح ذات البين، وطاعة الله ورسوله والتواصي بالحق والصبر عليه، وأوصيهم بمثل ما أوصى به إبراهيم ـ عليه الصلاة والسلام ـ بنيه ويعقوب:

{وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ } (البقرة: 132)

 

ثم يذكر ما يرغب أن يوصي به من ثلث ماله، أو أقل من ذلك، أو مال معين لا يزيد على الثلث، ويبين مصارفه الشرعية، ويذكر الوكيل على ذلك.

والوصية ليست واجبة بل مستحبة، إذا أحب أن يوصي بشيء

لما ثبت في الصحيحين عن ابن عمرـ رضي الله عنهما ـ عن النبي r أنه قال:

"ما حق امرىء مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده"  

                                                                                       (رواه البخاري)

لكن إذا كانت عليه ديون، أو حقوق ليس عليها وثائق تثبتها لأهلها، وجب عليه أن يوصي بها، حتى لا تضيع حقوق الناس، وينبغي أن يشهد على وصيته شاهدين عدلين، وأن يحررها لدى من يوثق بتحريره من أهل العلم حتى يعتمد عليها، ولا ينبغي أن يكتفي بخطه فقط؛ لأنه قد يشتبه خطه على الناس. وقد لا يتيسر من يعرفه من الثقات. والله ولى التوفيق.

                                                         (مجلة البحوث عدد رقم 33 صـ111. الشيخ ابن باز)

 

 

 

 

 

 

أخي الحبيب ... اجعل هذه وصيتك الشرعية

هذا ما أُوصِي به أنا /...................................................................

أنى أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث مَن في القبور، وأُوصِي من تركت من أهلي أن يتقوا الله ويصلحوا ذات بينهم، ويطيعوا الله ورسوله إن كانوا مؤمنين، وأُوصِي بما أوصى به إبراهيم بنيه ويعقوب:

{ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ } (البقرة: 132)

 

وقد أوصيت بما يأتي:-

أن يحضرني عند الموت بعض الصالحين ليذكرني بحسن الظن بالله.

 

تلقيني الشهادة.

 

أن يدعوا لي في حضوري، ولا يقولون إلا خيراً.

 

فإذا أنا مت وقبضت روحي، فعليهم بتغميض عيني، والدعاء لي بالرحمة والمغفرة.

 

وأوصيهم بالصبر والرضا والاسترجاع.

 

التجهيز وتعجيل الدفن إلا لعذر أو غرض، كانتظار من يرجى منهم الخير والصلاح للصلاة عليّ.

 

وأوصيهم بعدم النياحة، وإني بريء من النائحة.

 

وأوصيهم بعدم ضرب الخدود، وشق الجيوب، وإني بريء ممَّن فعل ذلك.

 

وأوصيهم بألا ينعوني نعياً منهيَّاً عنه.

 

وأوصيهم بعد تغميض عيني، أن يغطوني بثوب غير الذي مت فيه، يستر جميع بدني، ولا مانع لمحارمي من تقبيلي.

 

وأوصيهم بقضاء ديني، ولو أتى على مالي كله، وديني هو كذا

....................................................................................................

....................................................................................................

وأوصيهم بتغسيلي ثلاثا أو أكثر ما يرى القائمون على غسلي، على أن يكون غسلي وتراً، وأن يقرن مع بعض الغسلات شيء للتنظيف (كالصابون)، وأن يجعل مع آخر غسلة شيء من الطيب (كافور) وأن يبدأ بالميامين ومواضع  الوضوء مني.

 

وأُوصِي أن يغسلني أعرف الناس بسنة الغسل، ولاسيما أن يكون من أهلي، وأن يبتغي بذلك وجه الله، وأن يكتم ما يراه مني ولا يحدث به أحداً.

 

وأُوصِي بعد غسلي بتكفيني، وأن يكون الكفن أو ثمنه من مالي، ولو لم اترك غيره، وأن يكون سابغاً يستر جميع بدني، ويكون من البياض.

 

وأُوصِي بعدم المغالاة في الكفن، وعدم الزيادة فيه على ثلاثة؛ لأن في الزيادة إسرافاً وإضاعة للمال المنهي عنه.

 

وأُوصِي بتبخير الكفن ثلاثاً (لاسيما العود).

 

وأُوصِي بعد تكفيني ووضعي على سريري (الخشبة)، أن يحملني الرجال على أعناقهم إلى مصلى الجنائز، وذلك من حقي على إخواني من المسلمين.

 

وأنا بريء ممن يذبح أمام الجنائز، وكذلك ألا تتْبَع جنازتي نار؟

 

وأُوصِي ألا تتبعني امرأة.

 

وأُوصِي بالسكوت، وعدم رفع الصوت ولو بالذكر حال السير بالجنازة.

 

وأُوصِي بألا يمشى أمام الجنازة راكب، بل يكون خلفه، وأما الماشي ففي أي مكان.

 

وأُوصِي بالإسراع في السير بالجنازة سيراً دون الرمل.

 

وأُوصِي أن يصلى عليّ في مصلى الجنائز، إن تيسر ذلك، وإلا ففي المسجد.

 

وأُوصِي إذا اجتمعت مع جنازتي جنائز أخرى، جاز الصلاة علينا صلاة واحدة، على أن يجعل الذكور مما يلي الإمام ولو كانوا صغاراً، والإناث مما يلي القبلة.

 

وأُوصِي أن يكثر الجمع في الصلاة على الجنائز، فإن ذلك أنفع لي وأفضل إن شاء الله.

 

وأُوصِي أن يصلي عليَّ أقرأ الناس لكتاب الله، ثم أعلمهم بالسنة، وأن يقف عند رأسي،

أما المرأة فبحذاء وسطها.

 

وأُوصِي بألا يُصَلَّى عليّ ولا أُدْفَن في الأوقات الثلاثة التي تكره الصلاة والدفن فيها إلا لضرورة.

 

وأُوصِي بتعميق الحفر في القبر وتوسيعه.

 

ولا بأس أن أُدْفَن مع غيري عند الضرورة في قبر واحد، على أن يقدم أفضلنا.

 

وأوليائي وأقاربي أحق بإنزالي من غيرهم، وينزلوني من مؤخرة القبر.

 

وأُوصِي أن يقول الذي يضعني في قبري: بسم الله وعلى سنة "أو ملة " رسول الله.

 

وأُوصِي ألا يكتب على قبري، وأن يرفع قبري من الأرض شبراً، ولا يزيد على ذلك.

 

وأُوصِي بألا ألقن هذا التلقين البدعي المعروف اليوم عند القبور.

 

وأُوصِي بعد الدفن أن يقف المشيعون على قبري بقدر ذبح جذور وتقسيم لحمها (ساعة تقريباً) ويسألون لي المغفرة والتثبيت عند السؤال، ويدعو كل منهم سراً بمفرده لا جماعة.

 

ويشرع  لأهلي أن يتقبلوا العزاء من بعد دفني، وألا يجتمعوا للتعزية في مكان مخصص لذلك.

 

وأُوصِي بترك ما يقع من تأجير جماعة عتاقة أو ختمة أو إسقاط صلاة عني. وعدم اجتماع وتأجير من يقرأ القرآن أيام (الخميس – الأربعين – السنوية) فهي من البدع والمحرمات.

 

يمنع أهل بيتي من صنع طعام يجمعون عليه الناس، بل المطلوب أن يصنع الأقارب والجيران طعاما لأهل الميت؛ لأن عندهم ما يشغلهم.

 

وأُوصِي أهلي و أقاربي بكثرة الدعاء لي، وقضاء صومي النذر الذي لم أستطع صومه.

 

وأُوصِي من أتركه من أولادي بتقوى الله U والعمل الصالح، وأن يكثروا من الصدقة عني، والحج والعمرة إن استطاعوا، فإن ذلك ثوابه إلىَّ إن شاء الله.

 

ويشرع لأهلي وأقاربي زيارة قبري، والاتعاظ به، بشرط ألا يقولوا ما يغضب الرب.

 

وأُوصِي بالتصدق من مالي على الفقراء والمساكين الآتية أسمائهم حيث إن لي الحق في الوصية بثلث التركة وذلك لغير الوارث.

لقول النبي r فيما رواه أبو داود والترمذي:

" إن الله قد أعطى لكل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث"

 

م

الموصى له

الموصى به

1

 

 

2

 

 

3

 

 

 

وفيما عدا ذلك يقسم تقسيماً شرعياً، كما ورد في كتاب الله وسنة رسوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ.

هذا ما أَوْصَى به العبد الفقير إلى ربه في حال الصحة، أُوصِي به أهلي وأولادي أن يفعلوه من بعد موتى، فإن فعلوا كان لهم الأجر من الله U.

وأبرأ إلى الله من كل فعل أو قول يخالف الشرع، أو يخالف ما كتبته في هذه الوصية، اللهم إلا أن يكون أمراً شرعياً لم أعلمه ولم أكتبه في وصيتي هذه:

{فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ } (غافر:44)

ومن أهمل هذه الوصية، أو بدلها، أو خالف الشرع في شيء ذُكِرَ أو لم  يُذْكَر فعليه وزره:

{فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } (البقرة:181)

وامتثالاً لأمر الله تعالى حيث قال: {يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ }                            (المائدة:106)

 فإني أُشْهِدُ...................

 

الشاهد الأول                         الشاهد الثاني                     المُوصِي بما فيه

................                        .................                       ...................

 

 

7- الإكثار من الذكر، والاستغفار، والدعاء، والتلاوة:  

فقد أخرج الترمذي من حديث أبي سعيد وأبي هريرة ـ رضي الله عنهما ـ:

 " أنهما شهدا علي رسول r أنه قال: "من قال: لا إله إلا الله والله أكبر" صدقه ربه، فقال: لا إله إلا أنا، أنا أكبر.

- فإذا قال: لا إله إلا الله وحده، قال: يقول الله: لا إله إلا أنا وحدي.

- وإذا قال: لا اله إلا الله وحده لا شريك له، قال: يقول الله: صدق عبدي، لا إله إلا أنا وحدي  لا شريك لي.

- وإذا قال: لا اله إلا الله وحده لا شريك له، له المُلك وله الحمد، قال: يقول:  لا إله إلا أنا لي الملك ولي الحمد.

- وإذا قال: لا إله إلا الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، قال: لا إله إلا أنا ولا حول ولا قوة إلا بي، وكان يقول: من قالها في مرضه، ثم مات لم تطعمه النار".

                                                                                          (صححه الألباني في صحيح سنن الترمذي)

أما كثرة الاستغفار:

فقد أخرج البخاري عن شداد بن أوس t عن النبي r قال:

"سيد الاستغفار أن يقول: اللهم أنت ربي، لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء لك بذنبي فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، قال: من قالها من النهار موقناً بها فمات من يومه قبل أن يمسي، فهو من أهل الجنة، ومن قالها من الليل وهو موقناً بها فمات قبل أن يصبح، فهو من أهل الجنة".        

ـ أبوء: أقر واعترف.

 

وكان السلف الصالح يكثرون من الدعاء والذكر والاستغفار في آخر لحظات حياتهم،

يقول أبو محمد الحريري: " حضرت عند الجنيد قبل وفاته بساعتين، فلم يزل تالياً وساجداً، فقلت له: يا أبا القاسم. قد بلغ ما أري من الجهد، فقال: يا أبا محمد. أحوج ما كنت إليه هذه الساعة، فلم يزل كذلك حتى فارق الدنيا".

 

 

س – ما هي الأمور التي ينبغي أن يفعلها لمن حضر المحتضر أثناء احتضاره ؟

ثانيا: ما ينبغي أن يفعله لمن حضر المحتضر:

1- الدعاء للمحتضر ولا يقولوا إلا خيراً:

فقد أخرج الإمام مسلم من حديث أم سلمة – رضي الله عنها – قالت: قال رسول الله r:

"إذا حضرتم المريض أو الميت فقولوا خيراً، فان الملائكة يُؤمِّنون على ما تقولون".  

 

2- توجيه المحتضر إلي القبلة:

وهذه من الأمور المختلف فيها

فقد ذهب بعض من أهل العلم، كسعيد بن المسيب:

إلى عدم مشروعية ذلك، بل ذهب الشيخ الألباني في أحكام الجنائز إلى بدعية ذلك.

واستدل بما أخرجه عبد الرازق وابن أبى شيبة في مصنفهما عن زرعة بن عبد الرحمن: "أنه شهد سعيد بن المسيب في مرضه وعنده أبو سلمة بن عبد الرحمن، فغشي على سعيد، فأمر أبو سلمة أن يحول فراشه إلى الكعبة، فأفاق فقال: حولتم فراشي؟

قالوا: نعم. فنظر إلى أبى سلمة فقال: أراه بعلمك، فقال: أنا أمرتهم، فأمر سعيد أن يعد فراشه، وقال: أليس الميت امرأ مسلماً ؟"

ـ وفي رواية قال: " أولست على القبلة ؟

وذهب جمهور أهل العلم:

إلى استحباب توجيه المحتضر إلى القبلة قبل الموت، وبهذا قال عطاء، والنخعي،ومالك وأهل المدينة، والأوزاعي، وأهل الشام، واسحاق، بل نقل النووي الإجماع عليه (خلافاً لما ذهب إليه سعيد بن المسيب)

وكان الحسن البصري يقول:

كان يُسْتَحبُّ أن يستقبل بالميت القبلة إذا كان في الموت "                       

                                                                             (عبد الرازق في مصنفه)

وسئل عطاء ـ رحمه الله ـ أكان يستحب أن يوجه الميت عند نزعه إلى القبلة؟

قال: نعم .                                                             (أخرجه عبد الرازق في مصنفه)

 

 

والراجح: هو ما ذهب إليه جمهور أهل العلم

وذلك لما أخرجه الحاكم والبيهقي بسند حسن عن يحيى بن عبد الله بن أبى قتادة عن أبيه: "أن النبيr حين قدم المدينة، سأل عن البراء بن معرور؟ فقالوا: تُوفِّي، وأمر بثلث ماله لك يا رسول الله، وأوصى أن يوجه إلى القبلة لما احتضر، فقال r: أصاب الفطرة، وقد رددت ثلثه على ولده، ثم ذهب فصلى عليه، فقال: اللهم اغفر له وارحمه، وأدخله جنتك، وقد فعلت"

وفي رواية لهذه القصة عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك قال:

"وكان البراء بن معرور أول من استقبل القبلة حياً وميتاً"

                                                                                     (البيهقي بسند صحيح كما في الإرواء 3/154)

وأخرج أبو داود والنسائى بسند حسن عن عبيد بن عمير عن أبيه أنه حدثه، وكانت له صحبة:  "أن رجلا سأل النبيr فقال: يا رسول الله، ما الكبائر؟ فقال: هن تسع، وكان من جملتهم... واستحلال البيت الحرام قبلتكم أحياءً وأمواتاً "

قال الخرقي (مع المغنى 2/451):

وإذا تيقن الموت وُجِّه إلى القبلة، وغمضت عيناه، وشد لحياه؛ لئلا يسترخى فكه، وجعل على بطنه مرآة أو غيرها؛ لئلا يعلو بطنه.

قال ابن قدامة ـ رحمه الله ـ معلقاً على قول الخرقي:

وقوله: "إذا تيقن الموت" يحتمل أنه أراد حضور الموت؛ لأن التوجيه إلى القبلة يستحب تقديمه على الموت، واستحبه عطاء، والنخعي، ومالك، وأهل المدينة، والأوزاعى، وأهل الشام، وإسحاق

وأنكره سعيد بن السيب، والأول أولى؛ لأن حذيفة قال: "وجهوني"([1])

ولأن فعلهم هذا بسعيد دليل على أنه كان مشهور بينهم، يفعله المسلمون كلهم بموتاهم، ولأن خير المجالس ما استقبل به القبلة

ولعل ابن قدامة –رحمه الله – يقصد الحديث الذي أخرجه الطبراني في الأوسط (2354) بسند صحيح صححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب وفيه:

"خير المجالس ما اسْتُقْبِلَ به القبلة ".

وهنا سؤال: كيف يوجه المحتضر إلى القبلة ؟

في كيفية توجيه المحتضر إلى القبلة صورتان:-

الأولى: يستلقي على ظهره وقدماه إلى القبلة، ويرفع رأسه قليلاً؛ ليصير وجهه إلى القبلة.

الثانية: يضطجع على جنبه الأيمن مستقبلاً بوجهه القبلة "                     (المجموع: 5/116).

والقول الثاني هو الأرجح

وذلك للحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم أن النبي r قال للبراء بن عازب:

"إذا أتيتَ مضجعك، فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن، فإن مت مت على الفطرة".

ومما يؤكد هذا أيضًا ما أخرجه عبد الرازق عن ابن جريج – رحمه الله – قال:

"قلت لعطاء أرأيت حروف الميت إلى القبلة حين فَوْضِهِ على شقه الأيمن، أسنةٌ ذلك؟

قال: سبحان الله ! ما علمت من أحد يعقل ترك ذلك من ميِّته، والله إن الرجل ليحمل فراشه حتى يحرَّف به إذا لم يستطع ذلك"

ـ أرأيت حروف الميت: يعنى توجيه الميت إلى القبلة.

ـ حين فَوْضِهِ: أي حين ساعة موته.

ويشهد لهذا ما أخرجه الإمام أحمد بسند ضعيف عن أم سلمة في قصة وفاة فاطمة

– رضي الله عنها- وفي الحديث...:

 "فاضطجعت واستقبلت القبلة،وضعت يدها تحت خدها".   

وهذا لا يكون إلا وهي على جنبها.

 

 أضف إلى هذا: استحباب التوجه إلى القبلة أثناء الدعاء، وهذا على العموم وقد يدعو المحتضر دعوة وهو يحتضر، فيكون من الأولى له والأليق أن يكون متجهاً إلى القبلة.

قال النووي- رحمه الله- كما في المجموع شرح المهذب(5/116):

يستحب أن يستقبل به القبلة (أي المحتضر) وهذا أمر مجمع عليه

 

 

 

 وفي كيفية التوجيه المستحبة وجهان:

أحدهما: على قفاه وأخمصاه إلى القبلة، و يرفع رأسه قليلاً؛ ليصير وجهه إلى القبلة

 (حكاه جماعات من الخراسانيين، وصاحبا " الحاوي" و " المستظهري " من العراقيين، وقطع به الشيخ/ أبو محمد الجويني، والغزالي ... وغيرهما، قال إمام الحرمين: وعليه عمل الناس).

الوجه الثاني: وهو الصحيح المنصوص للشافعي في البويطي، وبه قطع جماهير العراقيين،

وهو الأصح عند الأكثرين من غيرهم، وهو مذهب مالك وأبي حنيفة.

وهو أن يضجع على جنبه الأيمن مستقبلاً القبلة كالموضوع في اللحد، فإن لم يكن لضيق المكان

أو غيره، فعلى جنبه الأيسر إلى القبلة، فإن لم يمكن فعلى قفاه، و الله أعلم . أهـ

قال ابن حزم- رحمه الله- كما في المحلي (5/173):

و توجيه الميت إلى القبلة حسن، فإن لم يوجه فلا حرج.

 

3ـ تذكيره برحمة الله وإحسانه وفضله؛ حتى يحسن الظن بربه ـ تبارك وتعالى ـ:

فيستحب لمن حضر المحتضر أن يذكره برحمة الله وفضله؛ لأن في هذا الموطن يستحب أن يغلب جانب الرجاء؛ حتى يحسن الظن بالله، فيحب لقاء اللهِ فيحب اللهُ لقاءَه.

كما جاء في الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم:

"من أحب لقاء اللهِ، أحب اللهُ لقاءه"

قال أبو المعتمر بن سليمان: قال أبي لما حضرته الوفاة:

"يا معتمر حدثني بالرخص حتى ألقى ربى U وأنا أحسن الظن به"           (حلية الأولياء:3/31)

قال السادة العلماء:

ومعنى إحسان الظن بالله، أن يظن أنه يرحمه ويعفو عنه.

وفي الحديث القدسي الذي أخرجه البخاري ومسلم:

"أنا عند ظن عبدي بي"

قال ابن الجوزي ـ رحمه الله ـ:

أي في الرجاء وأمل العفو.

وكان ابن مجلز ـ رحمه الله ـ يقول:

"لا تحدث المريض إلا بما يعجبه"

وهذا ما كان يفعله السلف

فهاهو ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ يدخل على عمر بن الخطاب t لما طعن فجعل يقول له: "لقد صحبت رسول الله r فأحسنت صحبته، ثم فارقته وهو عنك راضٍ، ثم صحبت أبا بكر-رضي الله عنه-فأحسنت صحبته، ثم فارقته وهو عنك راضٍ، ثم صحبتهم-أي المسلمون- فأحسنت صحبتهم، ولإن فارقتهم لتفارقهم وهم عنك راضون"    

                                                                                                                         (البخاري)

وأيضاً يدخل ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ على عائشة ـ رضي الله عنها ـ وهي في سياق الموت فقال لها:

"فأنتِ بخير إن شاء الله زوجة رسول الله، ولم ينكح بكراً غيرك، ونزل عذرك من السماء"                                                                                                              (البخاري)

وفي رواية أخرى عن البخاري أيضاً أنه قال لها ـ رضي الله عنها ـ:

"يا أم المؤمنين تقدمين على فرط صدق، على رسول الله r وعلى أبي بكر"

والمقصود قدومها على من سبقها وهم: النبي r ، وأبى بكرt

وفي صحيح مسلم عن أبي شماسة المهري قال:

"حضرنا عمرو بن العاصt وهو في سياقة الموت، فبكى طويلاً، وحوَّل وجهه إلى الجدار، فجعل ابنه يقول: يا أبتاه أما بشَّرَك رسول الله r بكذا ؟ أما بشرك رسول الله r بكذا؟"

 

4ـ تعاهد بَلَّ حلقه وشفتيه:

وذلك بأخذ قطنة مبللة، فيبل بها شفتيه أو يقطر في فيه؛ لأن شفتيه تكون يابسة وحلقه جاف، وربما عاقه هذا عن النطق بالشهادة

قال ابن قدامة ـ رحمه الله ـ كما في المغني (3/211):

إذا رآه منزولاً به – يعنى نزل به الموت- تعهد بَلَّ حلقه بتقطير ماء أو شراب فيه، ويندي شفتيه بقطنة ويستقبل القبلة.

ملحوظة:

وهذا ليس عليه دليل من الأثر، وإنما دليله من النظر؛ لأنها في مصلحة المحتضر.

 

 

5- تلقين الشهادة للمحتضر:

فقد أخرج الإمام مسلم من حديث أبى سعيد الخدري t أن النبي r قال:

"لقنوا موتاكم لا إله إلا الله"

والمراد ذَكِّروا من حضره الموت لا إله إلا الله فتكون آخر كلامه، فمعنى التلقين: تذكيره بالشهادة، والمراد بالموتى: من حضرته الوفاة.

وعند النسائي من حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: قال رسول الله r:

"لقنوا هلكاكُم قول: لا إله إلا الله"

وعند ابن حبان من حديث أبي هريرةt  أن الرسول r قال:

"لقنوا موتاكم لا إله إلا الله، فمَن كان آخر كلامه لا إله إلا الله عند الموت دخل الجنة"

وعند أبي داود من حديث معاذ بن جبل t أن النبي r قال:

"من كان آخر كلامه لا إله إلا الله عند الموت دخل الجنة، وإن أصابه قبل ذلك ما أصابه" أي: من العذاب.

قال القرطبي ـ رحمه الله ـ: قال علماؤنا:

تلقين الموتى هذه الكلمة سنة مأثورة، عمل بها المسلمون؛ وذلك ليكون آخر كلامهم: لا إله إلا الله فيختم لهم بالسعادة. وليدخل في عموم قوله r: "من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة"

وقـفـة:

لا يُوفَّق للنطق بهذه الشهادة إلا لمن عاش لها، وعمل عليها، ففي هذه اللحظات الحرجة ـ والتي فيها يعانى المحتضر من ألم النزع ومن شدة السكرات إلا أن الله يوفقه ويسدده للنطق بكلمة التوحيد وإعلان هذه الشهادة، والأمر كما قال تعالى:

{يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ} (إبراهيم:27)

قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ: هو قول لا إله إلا الله

ثم قال تعالى: {وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاءُ } (إبراهيم:27)

قال الحافظ ابن كثير ـ رحمه الله ـ:

لقد أجرى الله الكريم عادته بكرمه، أن من عاش على شيء مات عليه ومن مات على شيء بعث عليه.

كما في الحديث الذي أخرجه أحمد والحاكم بسند صحيح أن النبي r  قال:

"من مات على شيء بعث عليه "                              (صحيح الجامع:6543- الصحيحة:283)

تنبيهات:

1- يقوم بعملية التلقين مَن هو مَرْضِيٌّ عنه عند الميت، وله رصيد من الحب عنده، وإذا كان العلماء كرهوا أن يدخل على المحتضر حال احتضاره من هو يكرهه، فمن باب أوْلى ألا يقوم بتلقينه.

قال النووي ـ رحمه الله ـ كما في المجموع (5/115):

وينبغي أن يقال: لا يلقنه من يتهمه لكونه وارثاً أوعدواً أو حاسداً... أو نحوهم.

 

2- التلقين إنما يكون في حاضر العقل القادر على الكلام، فالمغمى عليه، أو شارد العقل لا يمكن تلقينه وهو من العبث.

 

3-  التلقين إنما يكون في حالة ما إذا كان لا ينطق بلفظ الشهادة، فإن كان ينطق بها فلا معنى لتلقينه.

 

4- ذهب البعض إلى أن معنى التلقين هو أن يسمعه فقط الشهادة، ويذكرها بجواره ولا يأمره بها، ولكن قول من قال: إن التلقين ليس ذكر الشهادة عند المحتضر فقط، إنما أمره بالنطق بها عند موته، وهذا الفريق أسعد بالدليل.

فقد أخرج الإمام أحمد من حديث أنس :t

"أن النبي r دخل على رجل من بني النجار يعوده، فقال له رسول الله r:

يا خال، قل: لا إله إلا الله. فقال: أَوَخال أنا أو عم؟ فقال النبي r: لا. بل خال،

فقال له: قل لا إله إلا الله، قال: هو خير لي؟ قال: نعم"

 

انـتـبـه !!

لا تلتفت لمثل هذه الأحاديث الضعيفة ومنها:-

أ) ما أخرجه ابن ماجة والطبراني في الكبير عن عبد الله عن جعفر مرفوعاً:

"لقنوا موتاكم لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب السماوات السبع ورب العرش العظيم"                                                                                                 (ضعيف الجامع: 4710)

ب) وهناك حديث آخر أخرجه الطبراني في الأوسط عن أبى هريرة وفيه:

"لقنوا موتاكم لا إله إلا الله، وقولوا: الثباتَ الثباتَ، ولا حول ولا قوة إلا بالله "

                                                                                 (وهو حديث موضوع،انظر ضعيف الجامع: 4711)

5ـ ينبغي أن يكون التلقين في لطف، وإذا قالها لا يكرر عليه؛ لئلا يضجر بضيق حاله، وشدة كربه، فيكره ذلك بقلبه، ويتكلم بما لا يليق، وإذا قالها مرة لا يكرر عليه، إلا أن يتكلم بعدها بشيء آخر، فيعاد تلقينه بـ(لا إله إلا الله) حتى تكون آخر كلامه.

                                                              (شرح مسلم للنووي:2/580)، (المجموع:5/110)،(المغني:2/450)

وروي في سنن الترمذي عن عبد الله بن المبارك:

"أنه لما حضره الموتُ جعل رجل يلقنه (لا إله إلا الله) فأكثر عليه، فقال عبد الله: إذا قلت مرة، فأنا على ذلك ما لم أتكلم"، قال الترمذي: إنما أراد عبد الله ما روي عن النبي r إنه قال:

" من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة"                    (سنن الترمذي: حديث 977)

 

س: هـل يلقن الكـافر؟

جـ: الكافر المحتضر يعرض عليه الإسلام.

فقد أخرج الإمام أحمد عن أنس t:

"أن غلاماً يهودياً كان يضع للنبي r وضوءه، ويناوله نعليه، فمرض، فأتاه النبيr، فدخل عليه وأبوه قاعدٌ عند رأسه، فقال له النبي r: يا فلان، قل: لا إله إلا الله. فنظر إلى أبيه، فسكت أبوه، فأعاد عليه النبي r، فنظر إلى أبيه، فقال أبوه: أَطِعْ أَطِعْ أبا القاسم، فقال الغلام: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، فخرج النبي r وهو يقول: الحمد لله الذي أخرجه بي من النار"

 

وأخرج الإمام مسلم عن المسيب t:

" أن أبا طالب لما حضرته الوفاة، دخل عليه النبي r، وعنده أبو جهل، فقال: يا عم، قل: لا إله إلا الله، كلمة أحاج لك بها عند الله، فقال أبو جهل، وعبد الله بن أبي أمية: يا أبا طالب. ترغب عن ملة عبد المطلب، فلم يزالا يكلماه حتى قال آخر شيء كلمهم به: على ملة عبد المطلب، فقال النبي r: لأستغفرنّ لك ما لم أَنْه عنك، فنزلت الآية:

{ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ } (التوبة:113)، ونزلت: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ } (القصص:56)

 

قصة لا تثبت

قصة علقمة وعقوقه أمه، وتعسر نطقه بالشهادتين عند الاحتضار.

فعن عبد الله بن أبي أوفى قال:

"جاء رجل إلى النبي r، فقال: يا رسول الله r، إن ها هنا غلاماً قد احتضر، فيقال له: لا إله إلا الله، فلا يستطيع أن يقولها، قال: أليس كان يقولها في حياته؟ قالوا: بلى.، قال: فما منعه منها عند موته؟ فنهض النبي r ونهَضْتُ معه حتى أتى الغلام، فقال: يا غلام. قل: لا إله إلا الله، قال: لا أستطيع أن أقولها، قال: ولِمَ ؟ قال: لعقوق والدتي، قال: أحيَّة هي؟ قال: نعم، قال: أرسلوا إليها، فجاءته، فقال لها رسول الله r: أبْنَكِ هو؟ قالت: نعم. قال: أرأيت لو أن ناراً أُجِّجَت، فقيل لك: إن لم تشفعي فيه دفناه في هذه النار، فقالت: إذن كنت أشفع له. قال: فأشْهِدي الله، وأشْهِدينا بأنك قد رضيت. فقالت: قد رضيت عن ابني، فقال: يا غلام. قل: لا إله إلا الله، فقال: لا إله إلا الله، فقال رسول الله r: الحمد لله الذي أنقذه من النار".               "ضعيف"

(وهو حديث أخرجه الطبراني، والبيهقي في شعب الإيمان (6/197)، وغيرهما، وقد ضعفه البيهقي، والإمام أحمد، والعقيلي،

...وابن الجوزي في الموضوعات، والمنذري في الترغيب والترهيب، والذهبي في ترتيب الموضوعات، والهيثمي في مجمع الزوائد،

...وابن عراق في تنزيه الشريعة، والشوكاني في الفوائد المجموعة)

 

هناك اعتقاد باطل، وليس عليه أي دليل:

وهو أن البعض يعتقد أن الشيـاطين يـأتون المحتضر على صفة (هيئة) أبويه في زي يهودي

أو نصراني حتى يعرضوا عليه كل ملة ليُضِلُوه.

قال السيوطي ـ رحمه الله ـ: لم يرد ذلك.

 

وهناك بعض البدع يقع فيها من حضر المحتضر ومنها:-

ـ وضع المصحف عند رأس المحتضر.

ـ قراءة سورة "يس " على المحتضر استناداً لما روي مرفوعاً:  

"اقرءوا على موتاكم سورة يس"                    (لكنه حديث ضعيف معلول، مضطرب الإسناد، مجهول السند)،

ولا يصح عموماً في فضل قراءة "يس" شيء مطلقاً، وعليه فقراءتها للميت لا تنفعه بشيء.

وللحديث بقية ـ إن شاء الله تعالى ـ مع "ما ينبغي فعله بعد الوفاة "

وبعد...،

فهذا آخر ما تيسر جمعه في هذه الرسالة

نسأل الله أن يكتب لها القبول، وأن يتقبلها منا بقبول حسن، كما أسأله سبحانه أن ينفع بها مؤلفها وقارئها ومن أعان علي إخراجها ونشرها......إنه ولي ذلك والقادر عليه.

هذا وما كان فيها من صواب فمن الله وحده، وما كان من سهو أو خطأ أو نسيان فمني ومن الشيطان، والله ورسوله منه براء، وهذا بشأن أي عمل بشري يعتريه الخطأ والصواب، فإن كان صواباً فادع لي بالقبول والتوفيق، وإن كان ثمّ خطأ فاستغفر لي

وإن وجدت العيب فسد الخللا

جلّ من لا عيب فيه وعلا

فاللهم اجعل عملي كله صالحاً ولوجهك خالصاً، ولا تجعل لأحد فيه نصيب

                                                والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلّى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

هذا والله تعالى أعلى وأعلم.........

سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك 



[1])) يقصد ابن قدامة الأثر الذي أخرجه ابن أبي الدنيا في المحتضرين بسند صحيح عن ربعي بن حراش أنه حدث: أن أخته وهي امرأة حذيفة قالت:" لما كان ليلة تُوفِّي حذيفة جعل يسألنا: أي ليل هذا؟ فنخبره. حتى كان السحر، قالت: فقال: أجلسوني. فأجلسناه. قال: وجهوني. فوجهناه، قال: " اللهم إني أعوذ بك من صباح النار ومن مسائها". وهذا الأثر مما يستأنس به فقط، فلا يعتمد عليه كدليل في المسألة؛ لآن قول حذيفة عندما حضرته الوفاة: " وجهوني" ربما يحمل هذا التوجيه على أنه أراد ذلك للدعاء.

=========

 

================================================

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

[مجلد 9][ مستدرك الحاكم ] المستدرك على الصحيحين محمد بن عبدالله أبو عبدالله الحاكم النيسابوري

  [مجلد 9][ مستدرك الحاكم ] المستدرك على الصحيحين محمد بن عبدالله أبو عبدالله الحاكم النيسابوري 8327 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد ا...