Translate

الثلاثاء، 12 أبريل 2022

.الصلاة: وما يتعلق بها في هذه الصفحة والصقحة التالية لها بمشيئة الله {ص 1.}

الصلاة: الصلاة عبادة تتضمن أقوالا وأفعالا مخصوصة، مفتتحة بتكبير الله تعالى، مختتمة بالتسليم.

 منزلتها في الإسلام:
وللصلاة في الإسلام منزلة لا تعدلها منزلة أية عبادة أخرى، فهي عماد الدين الذي لا يقوم إلا به، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله»، وهي أول ما أوجبه الله تعالى من العبادات، تولى إيجابها بمخاطبة رسوله ليلة المعراج من غير واسطة.
قال أنس: «فرضت الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به خمسين، ثم نقصت حتى جعلت خمسا، ثم نودي يا محمد: إنه لا يبدل القول لدي، وإن لك بهذه الخمس خمسين». رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه.
وهي أول ما يحاسب عليه العبد:
نقل عبد الله بن قرط قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة فإن صلحت صلح سائر عمله، وإن فسدت فسد سائر عمله» رواه الطبراني.
وهي آخر وصية وصي بها رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته عند مفارقة الدنيا، جعل يقول - وهو يلفظ أنفساه الاخيرة -: «الصلاة الصلاة، وما ملكت أيمانكم» وهي آخر ما يفقد من الدين، فإن ضاعت ضاع الدين كله.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لتنقضن عرى الإسلام عروة عروة فكلما انتقضت عروة تشبث الناس قبالتي تليها فأولهن نقضا الحكم. وآخرهن الصلاة» رواه ابن حبان من حديث أبي أمامة.
والمتتبع لايات القرآن الكريم يرى أن الله سبحانه يذكر الصلاة ويقرنها بالذكر تارة: {إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر}. {قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى} {وأقم الصلاة لذكري} وتارة يقرنها بالزكاة: {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة} ومرة بالصبر {واستعينوا بالصبر والصلاة} وطورا بالنسك {فصل لربك وانحر} {قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين}.
وأحيانا يفتتح بها أعمال البر ويختتمها بها، كما في سورة، سأل المعارج وفي أول سورة المؤمنين: {قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون} إلى قوله: {والذين هم على صلواتهم يحافظون أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون}.
وقد بلغ من عناية الإسلام بالصلاة، أن أمر بالمحافظة عليها في الحضر والسفر، والأمن والخوف، فقال تعالى: {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين فإن خفتم فرجالا أو ركبانا فإذا أمنتم فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون} وقال مبينا كيفيتها في السفر والحرب والأمن: {وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقتصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبيناوإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم وخذوا حذركم إن الله أعد للكافرين عذابا مهينا فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا}.
وقد شدد النكير على من يفرط فيها، وهدد الذين يضيعونها.
فقال جل شأنه: {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا} وقال: {فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون}.
ولان الصلاة من الأمور الكبرى التي تحتاج إلى هداية خاصة، سأل إبراهيم عليه السلام ربه أن يجعله هو وذريته مقيما لها فقال: {رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء}.
 حكم ترك الصلاة:
ترك الصلاة جحودا بها وإنكارا لها كفر وخروج عن ملة الإسلام، بإجماع المسلمين.
أما من تركها مع إيمانه بها واعتقاده فرضيتها، ولكن تركها تكاسلا أو تشاغلا عنها، بما لا يعد في الشرع عذرا فقد صرحت الأحاديث بكفره ووجوب قتله.
أما الأحاديث المصرحة بكفره فهي:
1- عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة» رواه أحمد ومسلم، وأبو داود والترمذي وابن ماجه.
2- وعن بريدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر» رواه أحمد وأصحاب السنن.
3- وعن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه ذكر الصلاة يوما فقال: «من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم تكن له نورا ولا برهانا ولا نجاة، وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وأبي بن خلف» رواه أحمد والطبراني وابن حبان، وإسناده جيد.
وكون تارك المحافظة على الصلاة مع أئمة الكفر في الاخرة يقتضي كفره.
قال ابن القيم: تارك المحافظة على الصلاة، إما أن يشغله ماله أو ملكه أو رياسته أو تجارته.
فمن شعله عنها ماله فهو مع قارون ومن شغله عنها ملكه فهو مع فرعون، ومن شغله عنها رياسته ووزارته فهو مع هامان، ومن شغله عنها تجارته فهو مع أبي بن خلف.
4- وعن عبد الله بن شقيق العقيلي قال: «كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئا من الاعمال تركه كفر غير الصلاة» رواه الترمذي والحاكم على شرط الشيخين.
5- قال محمد بن نصر المروزي: سمعت إسحاق يقول: «صح عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن تارك الصلاة كافر» كان رأي أهل العلم، من لدن محمد صلى الله عليه وسلم أن تارك الصلاة عمدا من غير عذر حتى يذهب وقتها كافر.
6- وقال ابن حزم: وقد جاء عن عمر، وعبد الرحمن بن عوف، ومعاذ بن جبل، وأبي هريرة وغيرهم من الصحابة «أن من ترك صلاة فرض واحدة متعمدا حتى يخرج وقتها فهو كافر مرتد» ولا نعلم لهؤلاء الصحابة مخالفا. ذكره المنذري في الترغيب والترهيب.
ثم قال: قد ذهب جماعة من الصحابة ومن بعدهم إلى تكفير من ترك الصلاة، متعمدا تركها، حتى يخرج جميع وقتها، منهم عمر بن الخطاب، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عباس، ومعاذ بن جبل، وجابر بن عبد الله، وأبو الدرداء رضي الله عنهم.
ومن غير الصحابة أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه، وعبد الله بن المبارك، والنخعي، والحكم بن عتيبة وأبو أيوب السختياني، وأبو داود الطيالسي، وأبو بكر بن أبي شيبة، وزهير بن حرب، وغيرهم رحمهم الله تعالى.
أما الأحاديث المصرحة بوجوب قتله فهي:
1- عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «عرى الإسلام وقواعد الدين ثلاثة.عليهن أسس الإسلام، من ترك واحدة منهن فهو بها كافر حلال الدم شهادة أن لا إله إلا الله، والصلاة المكتوبة، وصوم رمضان» رواه أبو يعلى بإسناد حسن.
وفي رواية أخرى: «من ترك منهن واحدة بالله كافر ولا يقبل منه صرف ولا عدل وقد حل دمه وماله».
2- وعن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أمرت أن أقاتل الناس حتى شهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله عز وجل» رواه البخاري ومسلم.
3- وعن أم سلمة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنه يستعمل عليكم أمراء فتعرفون وتنكرون، فمن كره فقد برئ، ومن أنكر فقد سلم ولكن من رضي وتابع قالوا يا رسول الله: ألا نقاتلهم؟ قال: لا، ما صلوا» رواه مسلم.
========
 جعل المانع من مقاتلة أمراء الجور الصلاة:
4- وعن أبي سعيد قال: بعث علي - وهو على اليمن - إلى النبي صلى الله عليه وسلم بذهيبة فقسمها بين أربعة، فقال رجل يا رسول الله: اتق الله. فقال: «ويلك!! أو لست أحق أهل الأرض أن يتقي الله!» ثم ولى الرجل فقال خالد بن الوليد: يا رسول الله ألا أضرب عنقه؟ فقال لا: «لعله أن يكون يصلي» فقال خالد: وكم من رجل يقول بلسانه ما ليس في قلبه. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إني لم أومر أن أنقب عن قلوب الناس ولا أشق بطونهم» مختصر من حديث للبخاري ومسلم.
وفي هذا الحديث أيضا، جعل الصلاة هي المانعة من القتل، ومفهوم هذا، أن عدم الصلاة يوجب القتل.
رأي بعض العلماء الأحاديث المتقدمة ظاهرها يقتضي كفر تارك الصلاة وإباحة دمه، ولكن كثيرا من علماء السلف والخلف، منهم أبو حنيفة، مالك، والشافعي، على أنه لا يكفر، بل يفسق ويستتاب، فإن لم يتب قتل حد أعند مالك والشافعي وغيرهما.
وقال أبو حنيفة: لا يقتل بل يعزر ويحبس حتى يصلي، وحملوا أحاديث التكفير على الجاحد أو المستحل للترك، وعارضوها ببعض النصوص العامة كقول الله تعالى: «إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء».
وكحديث أبي هريرة عند أحمد ومسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لكل نبي دعوة مستجابة.فتعجل كل نبي دعوته وإني اختبأت دعوتي شفاعة لامتي يوم القيامة، فهي نائلة - إن شاء الله - من مات لا يشرك بالله شيئا» وعنه، عند البخاري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أسعد الناس بشفاعتي من قال: لا إله إلا الله، خالصا من قلبه».
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.مناظرة في تارك الصلاة:
ذكر السبكي في طبقات الشافعية أن الشافعي وأحمد رضي الله عنهما تناظرا في تارك الصلاة.
قال الشافعي: يا أحمد أتقول: إنه يكفر؟ قال: نعم.
قال: إذا كان كافرا فبم يسلم؟ قال: يقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله.
قال الشافعي: فالرجل مستديم لهذا القول لم يتركه.
قال: يسلم بأن يصلي.
قال: صلاة الكافر لا تصح، ولا يحكم له بالإسلام بها.
فسكت الإمام أحمد، رحمهما الله تعالى.
تحقيق الشوكاني:
قال الشوكاني: والحق أنه كافر يقتل.
أما كفره، فلان الأحاديث قد صحت أن الشارع سمى تارك الصلاة بذلك الاسم، وجعل الحائل بين الرجل وبين جواز إطلاق هذا الاسم عليه هو الصلاة، فتركها مقتض لجواز الاطلاق، ولا يلزمنا شيء من المعارضات التي أوردها المعارضون، لانا نقول: لا يمنع أن يكون بعض أنواع الكفر غير مانع من المغفرة واستحقاق الشفاعة، ككفر أهل القبلة ببعض الذنوب التي سماها الشارع كفرا، فلا ملجئ إلى التأويلات التي وقع الناس في مضيقها.
على من تجب؟ تجب الصلاة على المسلم العاقل البالغ، لحديث عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «رفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل» رواه أحمد وأصحاب السنن والحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين، وحسنه الترمذي.
 صلاة الصبي:
والصبي وإن كانت الصلاة غير واجبة عليه، إلا أنه ينبغي لوليه أن يأمره بها، إذا بلغ سبع سنين، ويضربه على تركها، إذا بلغ عشرا، ليتمرن عليها ويعتادها بعد البلوغ.
فعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مروا أولادكم بالصلاة إذا بلغوا سبعا، واضربوهم عليها إذا بلغوا عشرا، وفرقوا بينهم في المضاجع» رواه أحمد وأبو داود والحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم.
 عدد الفرائض:
الفرائض التي فرضها الله تعالى في اليوم والليلة خمس: فعن ابن محيريز، أن رجلا من بني كنانة يدعى المخدجي، سمع رجلا بالشام يدعى أبا محمد، يقول: الوتر واحد قال: فرحت إلى عبادة بن الصامت فأخبرته، فقال عبادة: كذب أو محمد، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «خمس صلوات كتبهن الله على العباد، من أتى بهن لم يضيع منهن شيئا استخفافا بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد إن شاء عذبه وإن شاء غفر له» رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه، وقال فيه: «ومن جاء بهن قد انتقص منهن شيئا استخفافا بحقهن».
وعن طلحة بن عبيدالله أن اعرابيا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثائر الشعر فقال: يا رسول الله أخبرني ما فرض الله علي من الصلوات؟ فقال: «الصلوات الخمس إلا أن تطوع شيئا» فقال: أخبرني ماذا فرض الله علي من الصيام؟ فقال: «شهر رمضان إلا أن تطوع شيئا» فقال: أخبرني ماذا فرض الله علي من الزكاة؟ قال: فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بشرائع الإسلام كلها فقال: والذي أكرمك لا أتطوع شيئا ولا أنقص مما فرض الله علي شيئا.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفلح إن صدق، أو دخل الجنة إن صدق» رواه البخاري ومسلم.
 مواقيت الصلاة:
للصلاة أوقات محدودة لا بد أن تؤدى فيها، لقول الله تعالى: {إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا} أي فرضا مؤكدا ثابتا ثبوت الكتاب.
وقد أشار القرآن إلى هذه الاوقات فقال تعالى: {وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين}.
وفي سورة الاسراء: {أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا}.
وفي سورة طه: {وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى} يعني بالتسبيح قبل طلوع الشمس: صلاة الصبح، وبالتسبيح قبل غروبها: صلاة العصر، لما جاء في الصحيحين عن جرير بن عبد الله البجلي قال: كنا جلوسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظر إلى القمر ليلة البدر فقال: «إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم ألا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا، ثم قرأ هذه الآية».
هذا هو ما أشار إليه القرآن من الاوقات: وأما السنة فقد حددتها وبينت معالمها فيما يلي:
1- عن عبد الله بن عمرو: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «وقت الظهر إذا زالت الشمس، وكان ظل الرجل كطوله ما لم يحضر العصر، ووقت العصر ما لم تصفر الشمس، ووقت صلاة المغرب ما لم يغب الشفق، وقت العشاء إلى نصف الليل الاوسط، ووقت صلاة الصبح من طلوع الفجر وما لم تطلع الشمس، فإذا طلعت الشمس فأمسك عن الصلاة، فإنها تطلع بين قرني شيطان»، رواه مسلم.
2- وعن جابر بن عبد الله، أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه جبريل عليه السلام فقال له: «قم فصله، فصلى الظهر حين زالت الشمس، ثم جاءه العصر فقال: قم فصله، فصلى العصر حين صار ظل كل شيء مثله، ثم جاءه المغرب فقال: قم فصله، فصلى العشاء حين غاب الشفق، ثم جاءه الفجر حين برق الفجر، أو قال: سطع الفجر ثم جاءه من الغد للظهر فقال: قم فصله، فصلى الظهر حين صار ظل كل شيء مثله، ثم جاءه العصر فقال: قم فصله، فصلى العصر حين صار ظل كل شيء مثليه، ثم جاءه العصر فقال: قم فصله، فصلى العصر حين صار ظل كل شيء مثليه، ثم جاءه المغرب وقتا واحدا لم يزل عنه، ثم جاءه العشاء حين ذهب نصف الليل، أو قال: ثلث الليل فصلى العشاء ثم جاءه حين أسفر جدا فقال: قم فصله، فصلى الفجر، ثم قال: ما بين هذين الوقتين وقت» رواه أحمد والنسائي والترمذي.
وقال البخاري: هو أصح شيء في المواقيت، يعني إمامة جبريل

 وقت الظهر:
تبين من الحديثين المتقدمين، أن وقت الظهر يبتدئ من زوال الشمس عن وسط السماء، ويمتد إلى أن يصير ظل كل شيء مثله سوى فئ الزوال، إلا أنه يستحب تأخير صلاة الظهر عن أول الوقت عند شدة الحر، حتى لا يذهب الخشوع، والتعجيل في غير ذلك.
دليل هذا:
1- ما رواه أنس قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اشتد البرد بكر بالصلاة، وإذا اشتد الحر أبرد بالصلاة» رواه البخاري.
2- وعن أبي ذر قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فأراد المؤذن أن يؤذن الظهر فقال: أبرد، ثم أراد أن يؤذن فقال: أبرد، مرتين أو ثلاثا، حتى رأينا في التلول ثم قال: «إن شدة الحر من فيح جهنم، فإذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة»، رواه البخاري ومسلم.
 غاية الابراد:
قال الحافظ في الفتح: واختلف العلماء في غاية الابراد.فقيل حتى يصير الظل ذراعا بعد ظل الزوال.وقيل: ربع قامة، وقيل: ثلثها.وقيل: نصفها، وقيل غير ذلك.
والجاري على القواعد، أنه يختلف باختلاف الاحوال ولكن بشرط أن لا يمتد إلى آخر الوقت.
 وقت صلاة العصر:
وقت صلاة العصر يدخل بصيرورة ظل الشئ مثله بعده فئ الزوال، ويمتد إلى غروب الشمس.
فعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر» رواه الجماعة، ورواه البيهقي بلفظ: «من صلى من العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس ثم صلى ما تبقى بعد غروب الشمس لم يفته العصر».
وقت الاختيار ووقت الكراهة وينتهي وقت الفضيلة والاختيار باصفرار الشمس، وعلى هذا يحمل حديث جابر وحديث عبد الله بن عمر والمتقدمين.
وأما تأخير الصلاة إلى ما بعد الاصفرار فهو وإن كان جائزا إلا أنه مكروه إذا كان لغير عذر.
فعن أنس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «تلك صلاة المنافق، يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقرها أربعا. لا يذكر الله إلا قليلا» رواه الجماعة، إلا البخاري، وابن ماجه.
قال النووي في شرح مسلم: قال أصحابنا للعصر خمسة أوقات:
1- وقت فضيلة.
2- واختيار.
3- وجواز بلا كراهة.
4- وجواز مع كراهة.
ووقت عذر، فأما وقت الفضيلة فأول وقتها.
ووقت الاختيار، يمتد إلى أن يصير ظل الشئ مثليه، ووقت الجواز إلى الاصفرار، ووقت الجواز مع الكراهة حال الاصفرار إلى الغروب، ووقت العذر، وهو وقت الظهر في حق من يجمع بين العصر والظهر، لسفر أو مطر، ويكون العصر في هذه الاوقات الخمسة أداء، فإذا فاتت كلها بغروب الشمس صارت قضاء.
 تأكيد تعجيلها في يوم الغيم:
عن بريدة الاسلمي قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة فقال: «بكروا بالصلاة في اليوم الغيم، فإن من فاتته صلاة العصر فقد حبط عمله» رواه أحمد وابن ماجه.
قال ابن القيم: الترك نوعان: ترك كلي لا يصليها أبدا، فهذا يحبط العمل جميعه، وترك معين، في يوم معين، فهذا يحبط عمل اليوم.
صلاة العصر هي صلاة الوسطى قال الله تعالى: {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين}.
وقد جاءت الأحاديث الصحيحة مصرحة بأن صلاة العصر هي الصلاة الوسطى.
1- فعن علي رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم الاحزاب: «ملا الله قبورهم وبيوتهم نارا كما شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس» رواه البخاري ومسلم.
ولمسلم وأحمد وأبي داود: «شغلونا عن الصلاة الوسطى، صلاة العصر».
2- وعن ابن مسعود قال: حبس المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة العصر حتى احمرت الشمس واصفرت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «شغلونا عن الصلاة الوسطى، صلاة العصر، ملا الله أجوافهم وقبورهم نارا»، «أو حشا أجوافهم وقبورهم نارا» رواه أحمد ومسلم وابن ماجه.
 وقت صلاة المغرب:
يدخل وقت صلاة المغرب إذا غابت الشمس وتوارت بالحجاب، ويمتد إلى مغيب الشفق الأحمر، لحديث عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «وقت صلاة المغرب إذا غابت الشمس ما لم يسقط الشفق» رواه مسلم.
وروي أيضا عن أبي موسى: أن سائلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مواقيت الصلاة، فذكر الحديث، وفيه فأمره فأقام المغرب حين وجبت الشمس، فلما كان اليوم الثاني.
قال: ثم أخر حتى كان عند سقوط الشفق ثم قال: الوقت ما بين هذين.
قال النووي في شرح مسلم: «وذهبت المحققون من أصحابنا إلى رجيح القول بجواز تأخيرها ما لم يغب الشفق، وأنه يجوز ابتداؤها في كل وقت من ذلك، ولا يأثم بتأخيرها عن أول الوقت».
وهذا هو الصحيح أو الصواب الذي لا يجوز غيره.
وأما ما تقدم في حديث إمامة جبريل: أنه صلى المغرب في اليومين في وقت واحد حين غربت الشمس، فهو يدل على استحباب التعجيل بصلاة المغرب، وقد جاءت الأحاديث مصرحة بذلك.
1- فعن السائب بن يزيد أن: رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تزال أمتي على الفطرة ما صلوا المغرب قبل طلوع النجوم» رواه أحمد والطبراني.
2- وفي المسند أن ابن أبي أيوب الانصاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صلوا المغرب لفطر الصائم وبادروا طلوع النجوم».
3- وفي صحيح مسلم عن رافع بن خديج: «كنا نصلي المغرب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فينصرف أحدنا وانه ليبصر مواقع نبله».
4- وفيه عن سلمة بن الاكوع: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي المغرب إذا غربت الشمس وتوارت بالحجاب.
==========
 وقت العشاء:
يدخل وقت صلاة العشاء بمغيب الشفق الاحمر، ويمتد إلى نصف الليل.
فعن عائشة قالت: «كانوا يصلون العتمة فيما بين أن يغيب الشفق إلى ثلث الليل الأول» رواه البخاري.
وعن أبي هريرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لولا أن أشق على أمتي لامرتهن أن يؤخروا العشاء إلى ثلث الليل أو نصفه»، رواه أحمد وابن ماجه والترمذي وصححه.
وعن أبي سعيد قال: انتظرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة بصلاة العشاء حتى ذهب نحو من شطر الليل قال: فجاء فصلى بنا ثم قال: «خذوا مقاعدكم فإن الناس قد أخذوا مضاجعهم، وإنكم لن تزالوا في صلاة منذ انتظرتموها لولا ضعف الضعيف وسقم السقيم وحاجة ذي الحاجة، لاخرت هذه الصلاة إلى شطر الليل» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والنسائي وابن خزيمة وإسناده صحيح. هذا وقت الاختيار.
وأما وقت الجواز والاضطرار فهو ممتد إلى الفجر، لحديث أبي قتادة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما إنه ليس في النوم تفريط إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجئ وقت الصلاة الاخرى» رواه مسلم.
والحديث المتقدم في المواقيت يدل على أن وقت كل صلاة ممتد إلى دخول وقت الصلاة الاخرى، إلا صلاة الفجر فإنها لا تمتد إلى الظهر، فإن العلماء أجمعوا أن وقتها ينتهي بطلوع الشمس.
 استحباب تأخير صلاة العشاء عن أول وقتها:
والافضل تأخير صلاة العشاء إلى آخر وقتها المختار، وهو نصف الليل، لحديث عائشة قالت: أعتم النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة حتى ذهب عامة الليل، حتى نام أهل المسجد ثم خرج فصلى فقال: «إنه لوقتها لولا أن أشق على أمتي» رواه مسلم والنسائي.
وقد تقدم حديث أبي هريرة، وحديث أبي سعيد، وهما في معنى حديث عائشة، وكلها تدل على استحباب التأخير وأفضليته، وأن النبي صلى الله عليه وسلم ترك المواظبة عليه لما فيه من المشقة على المصلين، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يلاحظ أحوال المؤتمين، فأحيانا يعجل وأحيانا يؤخر.
فعن جابر قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر بالهاجرة، والعصر، والشمس نقية، والمغرب، إذا وجبت الشمس، والعشاء، أحيانا يؤخرها وأحيانا يعجل، إذا رآهم اجتمعوا عجل، وإذا رآهم أبطأوا أخر، والصبح كانوا أو كان النبي صلى الله عليه وسلم يصليها بغلس»، رواه البخاري ومسلم.
جدب لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم السمر بعد العشاء، ورواه ابن ماجه قال: جدب: يعني زجرنا ونهانا عنه.
وعلة كراهة النوم قبلها والحديث بعدها: أن النوم قد يفوت على النائم الصلاة في الوقت المستحب أو صلاة الجماعة، كما أن السمر بعدها يؤدي إلى السهر المضيع لكثير من الفوائد، فإن أراد النوم وكان معه من يوقظه أو أو تحدث بخير فلا كراهة حينئذ.
فعن ابن عمر قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمر عند أبي بكر الليلة كذلك في أمر من أمور المسلمين، وأنا معه» رواه أحمد والترمذي وحسنه، وعن ابن عباس قال: «رقدت في بيت ميمونة ليلة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عندها، لانظر كيف صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل، فتحدث النبي صلى الله عليه وسلم مع أهله ساعة ثم رقد».رواه مسلم.
 وقت صلاة الصبح:
يبتدئ الصبح من طلوع الفجر الصادق ويستمر إلى طلوع الشمس، كما تقدم في الحديث.
استحباب المبادرة لها يستحب المبادرة بصلاة الصبح بأن تصلي في أول وقتها، لحديث أبي مسعود الانصاري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الصبح مرة بغلس، ثم صلى مرة أخرى فأسفر بها، ثم كانت صلاته بعد ذلك التغليس حتى مات، ولم يعد أن يسفر رواه أبو داود والبيهقي، وسنده صحيح.
وعن عائشة قالت: «كن نساء مؤمنات يشهدن مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر متلفعات بمروطهن ينقلبن إلى بيوتهن حين يقضين الصلاة لا يعرفهن أحد من الغلس» رواه الجماعة.
وأما حديث رافع بن خديج: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أصبحوا بالصبح فإنه أعظم لاجوركم»، وفي رواية: «أسفروا بالفجر فإنه أعظم للاجر» رواه الخمسة وصححه الترمذي وابن حبان، فإنه أريد به الاسفار بالخروج منها، لا الدخول فيها: أي أطيلوا القراءة فيها، حتى تخرجوا منها مسفرين، كما كان يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه كان يقرأ فيها الستين آية إلى المائة آية، أو أريد به تحقق طلوع الفجر، فلا يصلي مع غلبة الظن.
ادراك ركعة من الوقت من أدرك ركعة من الصلاة قبل خروج الوقت فقد أدرك الصلاة، لحديث أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة».رواه الجماعة.
وهذا يشمل جميع الصلوات، وللبخاري: «إذا أدرك أحدكم سجدة من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس فليتم صلاته، وإذا أدرك سجدة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فليتم صلاته» والمراد بالسجدة الركعة، وظاهر الأحاديث أن من أدرك الركعة من صلاة الفجر أو العصر لا تكره الصلاة في حقه عند طلوع الشمس وعند غروبها وإن كانا وقتي كراهة، وأن الصلاة تقع أداء بإدراك ركعة كاملة، وإن كان لا يجوز تعمد التأخير إلى هذا الوقت.
 النوم عن الصلاة أو نسيانها:
من نام عن صلاة أو نسيها فوقتها حين يذكرها، لحديث أبي قتادة قال: ذكروا للنبي صلى الله عليه وسلم نومهم عن الصلاة فقال: «إنه ليس في النوم تفريط إنما التفريط في اليقظة، فإذا نسي أحدكم صلاة أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها»، رواه النسائي والترمذي وصححه.
وعن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك»، رواه البخاري ومسلم.
وعن عمران بن الحصين قال: سربنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما كان من آخر الليل عرسنا فلم نستيقظ حتى أيقظنا حر الشمس. فجعل الرجل منا يقوم دهشا إلى طهوره، قال: فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يسكتوا، ثم ارتحلنا فسرنا حتى إذا ارتفعت الشمس توضأ ثم أمر بلال فأذن ثم صلى الركعتين قبل الفجر. ثم أقام فصلينا فقالوا: يا رسول الله، ألا نعيدها في وقتها من الغد؟ فقال: «أينهاكم ربكم تعالى عن الربا ويقبله منكم». رواه أحمد وغيره.
 الأوقات المنهي عن الصلاة فيها:
ورد النهي عن صلاة بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس، وعند طلوعها حتى ترتفع قدر رمح، وعند استوائها حتى تميل إلى الغروب، وبعد صلاة العصر حتى تغرب، فعن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا صلاة بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس، ولا صلاة بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس». رواه البخاري ومسلم.
وعن عمرو بن عبسة قال: قلت: يا نبي الله أخبرني عن الصلاة؟ قال: «صل صلاة الصبح ثم أقصر عن الصلاة حتى تطلع الشمس وترتفع، فإنها تطلع بين قرني شيطان، وحينئذ يسجد لها الكفار، ثم صل فإن الصلاة مشهودة محضورة حتى يستقل الظل بالرمح، ثم اقصر عن الصلاة فإن حينئذ تسجر جهنم فإذا أقبل الفي فصل فإن الصلاة مشهودة محضورة حتى تصلي العصر، ثم أقصر عن الصلاة حتى تغرب، فإنها تغرب بين قرني شيطان وحينئذ يسجد لها الكفار»، رواه أحمد ومسلم.
وعن عقبة بن عامر قال: ثلاث ساعات نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصلي فيهن وأن نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة، وحين تضيف للغروب حتى تغرب. رواه الجماعة إلا البخاري.
 رأي الفقهاء في الصلاة بعد الصبح والعصر:
يرى جمهور العلماء جواز قضاء الفوائت بعد صلاة الصبح والعصر، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها»، رواه البخاري ومسلم.
وأما صلاة النافلة فقد كرهها من الصحابة: علي، وابن مسعود، وزيد بن ثابت، وأبو هريرة، وابن عمر وكان عمر يضرب على الركعتين بعد العصر بمحضر من الصحابة من غير نكير، كما كان خالد ابن الوليد يفعل ذلك.
وكرهها من التابعين الحسن، وسعيد ابن المسيب، ومن أئمة المذاهب أبو حنيفة، ومالك.
وذهب الشافعي إلى جواز صلاة ما له سبب كتحية المسجد، وسنة الوضوء في هذين الوقتين، استدلالا بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة الظهر بعد صلاة العصر، والحنابلة ذهبوا إلى حرمة التطوع ولو له سبب في هذين الوقتين، إلا ركعتي الطواف، لحديث جبير بن مطعم: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء، من ليل أو نهار». رواه أصحاب السنن وصححه ابن خزيمة والترمذي.
 رأيهم في الصلاة عند طلوع الشمس وغروبها واستوائها:
يرى الحنفية عدم صحة الصلاة مطلقا في هذه الاوقات، سواء كانت الصلاة مفروضة أو واجبة أو نافلة، قضاء أو أداء، واستثنوا عصر اليوم وصلاة الجنازة «إن حضرت في أي وقت من هذه الاوقات، فإنها تصلى فيها بلا كراهة» وكذا سجدة التلاوة، إذا تليت آياتها في هذه الاوقات، واستثنى أبو يوسف التطوع يوم الجمعة وقت الاستواء.
ويرى الشافعية كراهة النفل الذي لا سبب له في هذه الاوقات.
أما الفرض مطلق، والنفل الذي له سبب، والنقل وقت الاستواء يوم الجمعة، والنفل في الحرم المكي، فهذا كله مباح لا كراهة فيه.
والمالكية يرون في وقت الطلوع والغروب حرمة النوافل، ولو لها سبب، والمنذورة وسجدة التلاوة، وصلاة الجنازة، إلا إذا خيف عليها التغير فتجوز، وأباحوا الفرائض العينية، أداء وقضاء في هذين الوقتين، كما أباحوا الصلاة مطلقا، فرضا أو نفلا وقت الاستواء.
قال الباجي في شرح الموطأ: وفي المبسوط عن ابن وهب: سئل مالك عن الصلاة نصف النهار فقال: أدركت الناس وهم يصلون يوم الجمعة نصف النهار، وقد جاء في بعض الأحاديث نهي عن ذلك، فأنا لا أنهى عنه للذي أدركت الناس عليه، ولا أحبه للنهي عنه.
وأما الحنابلة فقد ذهبوا إلى عدم انعقاد النفل مطلقا في هذه الاوقات الثلاثة سواء كان له سبب أو لا، وسواء كان بمكة أو غيرها، وسواء كان يوم جمعة أو غيره، إلا تحية المسجد يوم الجمعة، فإنهم جوزوا فعلها بدون كراهة وقت الاستواء وأثناء الخطبة، وتحرم عندهم صلاة الجنازة في هذه الاوقات، إلا إن خيف عليها التغير فتجوز بلا كراهة.
وأباحوا قضاء الفوائت، والصلاة المنذورة، وركعتي الطواف ولو نفلا في هذه الاوقات الثلاثة.
 التطوع بعد طلوع الفجر وقبل صلاة الصبح:
عن يسار مولى ابن عمر قال: رآني ابن عمر وأنا أصلي بعد ما طلع الفجر فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج علينا ونحن نصلي هذه الساعة فقال: «ليبلغ شاهدكم غائبكم أن لا صلاة بعد الصبح إلا ركعتين» رواه أحمد وأبو داود.
والحديث وإن كان ضعيفا، إلا أن له طرقا يقوي بعضها بعضا، فتنهض للاحتجاج بها على كراهة التطوع بعد طلوع الفجر بأكثر من ركعتي الفجر أفاده الشوكاني، وذهب الحسن والشافعي وابن حزم إلى جواز التنفل مطلقا بلا كراهة، وقصر مالك الجواز لمن فاتته صلاة الليل لعذر، وذكر أنه بلغه: أن عبد الله بن عباس والقاسم بن محمد وعبد الله بن عامر بن ربيعة أوتروا بعد الفجر، وأن عبد الله بن مسعود قال: ما أبالي لو أقيمت صلاة الصبح وأنا أوتر.
وعن يحيى بن سعيد أنه قال: كان عبادة بن الصامت يؤم قوما فخرج يوما إلى الصبح، فأقام المؤذن صلاة الصبح، فأسكته عبادة حتى أوتر، ثم صلى بهم الصبح.
عن سعيد بن جبير: أن ابن عباس رقد ثم استيقظ ثم قال لخادمه: انظر ما صنع الناس، وهو يومئذ قد ذهب بصره، فذهب الخادم ثم رجع فقال: قد انصرف الناس من الصبح. فقام ابن عباس فأوتر ثم صلى الصبح.
 التطوع أثناء الإقامة:
إذا أقيمت الصلاة كره الاشتغال بالتطوع.
فعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة»، وفي رواية: «إلا التي أقيمت» رواه أحمد ومسلم وأصحاب السنن.
وعن عبد الله بن سرجس قال: دخل رجل المسجد، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الغداة، فصلى ركعتين في جانب المسجد، ثم دخل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يا فلان بأي الصلاتين اعتددت، بصلاتك وحدك أم بصلاتك معنا»؟ رواه مسلم وأبو داود والنسائي.
وفي إنكار الرسول صلى الله عليه وسلم، مع عدم أمره بإعادة ما صلي، دليل على صحة الصلاة وإن كانت مكروهة، وعن ابن عباس قال: كنت أصلي وأخذ المؤذن في الإقامة، فجذبني نبي الله صلى الله عليه وسلم، وقال: «أتصلي الصبح أربعا؟» رواه البيهقي والطبراني وأبو داود الطيالسي وأبو يعلى والحاكم، وقال: إنه على شرط الشيخين.
وعن أبي موسى الاشعري رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي ركعتي الغداة حين أخذ المؤذن يؤذن، فغمز منكبه وقال: «ألا كان هذا قبل هذا». رواه الطبراني. قال العراقي: إسناده جيد.
========
 الأذان:
1- الأذان:
هو الاعلام بدخول وقت الصلاة بألفاظ مخصوصة.
ويحصل به الدعاء إلى الجماعة وإظهار شعائر الإسلام، وهو واجب أو مندوب.
قال القرطبي وغيره: الأذان - على قلة ألفاظه - مشتمل على مسائل العقيدة، لأنه بدأ بالاكبرية، وهي تتضمن وجود الله وكماله، ثم ثنى بالتوحيد ونفي الشريك، ثم بإثبات الرسالة لمحمد صلى الله عليه وسلم، ثم دعا إلى الطاعة المخصوصة عقب الشهادة بالرسالة، لأنها لا تعرف إلا من جهة الرسول، ثم دعا إلى الفلاح، وهو البقاء الدائم، وفيه الاشارة إلى المعاد، ثم أعاد ما أعاد توكيدا.
 2- فضله:
ورد في فضل الأذان والمؤذنين أحاديث كثيرة نذكر بعضها فيما يلي:
1- عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لو يعلم الناس ما في الأذان والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه، ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لاتوهما ولو حبوا» رواه البخاري وغيره.
2- وعن معاوية: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن المؤذنين أطول الناس أعناقا يوم القيامة»، رواه أحمد ومسلم وابن ماجه.
3- وعن البراء بن عازب: أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله وملائكته يصلون على الصف المقدم، والمؤذن يغفر له مد صوته، ويصدقه من سمعه من رطب ويابس، وله مثل أجر من صلى معه».
قال المنذري: رواه أحمد والنسائي بإسناد حسن جيد.
4- وعن أبي الدرداء قال، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من ثلاثة لا يؤذنون، ولا تقام فيهم الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان» رواه أحمد.
5- وعن أبي هريرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن، اللهم أرشد الائمة واغفر للمؤذنين».
6- وعن عقبة بن عامر قال، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «يعجب ربك عز وجل من راعي غنم في شظية بجبل يؤذن الصلاة ويصلي، فيقول الله عزوجل: انظروا لعبدي هذا يؤذن ويقيم الصلاة يخاف مني! قد غفرت لعبدي وأدخلته الجنة» رواه أحمد وأبو داود والنسائي.
 3- سبب مشروعيته:
شرع الأذان في السنة الأولى من الهجرة وكان سبب مشروعيته لما بينته الأحاديث الاتية:
1- عن نافع: أن ابن عمر كان يقول: كان المسلمون يجتمعون فيتحينون الصلاة وليس وليس ينادي بها أحد، فتكلموا يوما في ذلك، فقال بعضهم: اتخذوا ناقوسا مثل ناقوس النصارى.
وقال بعضهم: بل قرنا مثل قرن اليهود، فقال عمر: أولا تبعثون رجلا ينادي بالصلاة.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا بلال قم فنادي بالصلاة» رواه أحمد والبخاري.
2- وعن عبد الله بن عبد ربه قال: لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناقوس ليضرب به الناس في الجمع للصلاة، وفي رواية، وهو كاره لموافقته للنصارى، طاف بي وأنا نائم رجل يحمل ناقوسا في يده.
فقلت له: يا عبد الله أتبيع الناقوس؟ قال: ماذا تصنع به؟ قال: فقلت: ندعو به إلى الصلاة قال: أفلا أدلك على ما هو خير من ذلك؟ فقلت له: بلى. قال: تقول: «الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر. أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة. حي على الفلاح حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله» ثم استأخر غير بعيد ثم قال: «تقول إذا أقيمت الصلاة: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله». فلما أصبحت أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بما رأيت. فقال: «إنها لرؤيا حق إن شاء الله، فقم مع بلال فألق عليه ما رأيت فليؤذن به فإنه أندى صوتا منك» قال: فقمت مع بلال فجعلت ألقيه عليه ويؤذن به قال: فسمع بذلك عمر وهو في بيته فخرج يجر رداءه يقول. والذي بعثك بالحق لقد رأيت مثل الذي أرى. قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم «فلله الحمد» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه وابن خزيمة والترمذي وقال: حسن صحيح.
فيؤخذ منه استحباب كون المؤذن رفيع صوت وحسنه.
وعن أبي محذورة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أعجبه صوته فعلمه الأذان، ولو ابن خزيمة.
 .4- كيفيته:
ورد الأذان بكيفيات ثلاث نذكرها فيما يلي:
أولا: تربيع التكبير الأول وتثنية باقي الأذان بلا ترجيع ما عدا كلمة التوحيد، فيكون عدد كلماته خمس عشرة كلمة لحديث عبد الله بن زيد المتقدم.
ثانيا: تربيع التكبير، وترجيع كل من الشهادتين، بمعنى أن يقول المؤذن: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله، يخفض بها صوته، ثم يعيدها مع الصوت فعن أبي محذورة: أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه الأذان تسع عشرة كلمة رواه الخمسة وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
ثالثا: تثنية التكبير مع ترجيع الشهادتين فيكون عدد كلماته سبع عشرة كلمة، لما رواه مسلم عن أبي محذورة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمه هذا الأذان: «الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله، ثم يعود فيقول: أشهد أن لا إله إلا الله مرتين، أشهد أن محمدا رسول الله مرتين، حي على الصلاة مرتين، حي على الفلاح مرتين، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله». 

  .5- التثويب:
ويشرع للمؤذن التثويب، وهو أن يقول في أذان الصبح - بعد الحيعلتين -: «الصلاة خير من النوم» قال أبو محذورة: يا رسول الله: علمني سنة الاذان؟ فعلمه وقال: «فإن كان صلاة الصبح قلت: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله» رواه أحمد وأبو داود.
ولا يشرع لغير الصبح.
 .6- كيفية الإقامة:
ورد للإقامة كيفيات ثلاث وهي:
أولا:
تربيع التكبير الأول مع تثنية جميع كلماتها، ما عدا الكلمة الاخيرة لحديث أبي محذورة أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه الإقامة سبع عشرة كلمة: «الله أكبر أربعا، أشهد أن لا إله إلا الله مرتين، أشهد أن محمدا رسول الله مرتين، حي على الصلاة مرتين، حي على الفلاح مرتين، قد قامت الصلاة، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله» رواه الخمسة وصححه الترمذي.
ثانيا:
تثنية التكبير الأول والاخير وقد قامت الصلاة، وإفراد سائر كلماتها فيكون عددها إحدى عشرة كلمة.
وفي حديث عبد الله زيد المتقدم: ثم تقول إذا أقمت: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، حي على الصلاة حي على الفلاح، قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله.
ثالثا:
هذه الكيفية كسابقتها ما عدا «كلمة قد قامت الصلاة» فيها لا تثنى، بل تقال مرة واحدة، فيكون عددها عشر كلمات وبهذه الكيفية أخذ مالك لأنها عمل أهل المدينة، إلا أن ابن القيم قال: لم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إفراد كلمة قد قامت الصلاة البتة، وقال ابن عبد البر: هي مثناه على كل حال.
 7- الذكر عند الأذان:
يستحب لمن يسمع المؤذن أن يلتزم الذكر الاتي:
1- يقول مثل ما يقول المؤذن إلا في الحيعلتين، فإنه يقول عقب كل كلمة: لا حول ولا قوة إلا بالله.
فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول الموذن» رواه الجماعة.
وعن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قال المؤذن: الله أكبر الله أكبر، فقال أحدكم: الله أكبر الله أكبر، ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله قال: أشهد أن لا إله إلا الله، ثم قال أشهد أن محمدا رسول الله قال: أشهد أن محمدا رسول الله، ثم قال: حي على الصلاة، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: حي على الفلاح، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: الله أكبر الله أكبر، قال: الله أكبر الله أكبر، ثم قال: لا إله إلا الله، قال: لا إله إلا الله، من قبله، دخل الجنة» رواه مسلم وأبو داود.
قال النووي: قال أصحابنا: وإنما استحب للمتابع أن يقول مثل المؤذن في غير الحيعلتين فيدل على رضاه به وموافقته على ذلك أما الحيعلة فدعاء إلى الصلاة، وهذا لا يليق بغير المؤذن، فاستحب للمتابع ذكر آخر، فكان لا حول ولا قو إلا بالله، لأنه تفويض محض إلى الله تعالى.
وثبت في الصحيحين عن أبي موسى الاشعري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا حول ولا قوة إلا بالله، كنز من كنوز الجنة» قال أصحابنا: ويستحب متابعته لكل سامع، من طاهر ومحدث، وجنب وحائض، وكبير وصغير، لأنه ذكر، وكل هؤلاء من أهل الذكر.
ويستثنى من هذا المصلي، ومن هو على الخلاء، والجماع، فإذا فرغ من الخلاء تابعه فإذا سمعه وهو في قراءة أو ذكر أو درس أو نحو ذلك، قطعه وتابع المؤذن ثم عاد إلى ما كان عليه إن شاء، وإن كان في صلاة فرض أو نفل، قال الشافعي والاصحاب: لا يتابعه، فإذا فرغ منها قاله، وفي المغني: دخل المسجد فسمع المؤذن استحب له انتظاره، ليفرغ ويقول مثل ما يقول جمعا بين الفضيلتين، وإن لم يقل كقوله وافتتح الصلاة فلا بأس، نص عليه أحمد.
2- أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم عقب الأذان بإحدى الصيغ الواردة، ثم يسأل الله له الوسيلة، لما رواه عبد الله بن عمرو: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل الله لي الوسيلة حلت له شفاعتي» رواه مسلم.
وعن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته حلت له شفاعتي يوم القيامة» رواه البخاري.
8- الدعاء بعد الأذان:
الوقت بين الأذان والإقامة، وقت يرجى قبول الدعاء فيه فيستحب الاكثار فيه من الدعاء.
فعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يرد الدعاء بين الأذان والإقامة» رواه أبو داود والنسائي والترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
وزاد قالوا: ما ذا نقول يا رسول الله؟ قال: «سلوا الله العفو والعافية في الدنيا والاخرة»، وعن عبد الله بن عمرو: أن رجلا قال: يا رسول الله إن المؤذنين يفضلوننا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قل كما يقولون فإذا انتهيت فسل تعطه» رواه أحمد وأبو داود.
وعن سهل بن سعد قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثنتان لا تردان - أو قال ما تردان - الدعاء عند النداء، وعند البأس، حين يلحم بعضهم بعضا» رواه أبو داود بإسناد صحيح.
وعن أم سلمة قالت: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم عند أذان المغرب: «اللهم إن هذا إقبال ليلك، وإدبار نهارك، وأصوات دعاتك فاغفر لي».
========
 9- الذكر عند الإقامة:
يستحب لمن يسمع الإقامة أن يقول مثل ما يقول المقيم.
إلا عند قوله: قد قامت الصلاة، فإنه يستحب أن يقول: أقامها الله وأدامها، فعن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، أن بلالا أخذ في الإقامة، فلما قال: قد قامت الصلاة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أقامها الله وأدامها» إلا الحيعلتين، فإنه يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله.
10- ما ينبغي أن يكون عليه المؤذن:
يستحب للمؤذن أن يتصف بالصفات الاتية:
1- أن يبتغي بأذانه وجه الله فلا يأخذ عليه أجرا.
فعن عثمان بن أبي العاص قال قلت يا رسول الله: اجعلني إمام قومي قال: «أنت إمامهم، واقتد بأضعفهم واتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا» رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه والترمذي، لكن لفظه: إن آخر ما عهد إلى النبي صلى الله عليه وسلم «أن اتخذ مؤذنا لا يتخذ على أذانه أجرا» قال الترمذي عقب روايته له - حديث حسن، والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم، كرهوا أن يأخذ على الأذان أجرا، واستحبوا للمؤذن أن يحتسب في أذانه.
2- أن يكون طاهرا من الحدث الاصغر والاكبر، لحديث المهاجر بن قنفذ رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: «إنه لم يمنعني أن أرد عليه إلا أني كرهت أن أذكر الله إلا على طهارة»، رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه، وصححه ابن خزيمة.
فإن أذن على غير طهر جاز مع الكراهة، عند الشافعية، ومذهب أحمد والحنفية وغيرهم عدم الكراهة.
3- أن يكون قائما مستقبل القبلة.
قال ابن المنذر: الاجماع على أن القيام في الأذان من السنة، لأنه أبلغ في الاسماع، وأن من السنة أن يستقبل القبلة بالأذان.
وذلك أن مؤذني رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يؤذنون مستقبلي القبلة، فإن أخل باستقبال القبلة كره له ذلك وصح.
4- أن يلتفت برأسه وعنقه وصدره يمينا، عند قوله: حي على الصلاة، حي الصلاة، ويسارا عند قوله: حي على الفلاح، حي على الفلاح.
قال النووي في هذه الكيفية: هي أصح الكيفيات.
قال أبو جحيفة: وأذن بلال، فجعلت أتتبع فاه هاهنا وهاهنا، يمينا وشمالا، حي على الصلاة، حي على الفلاح. رواه أحمد والشيخان.
أما استدارة المؤذن فقد قال البيهقي: إنها لم ترد من طرق صحيحة، وفي المغني عن أحمد: لا يدور إلا إن كان على منارة يقصد إسماع أهل الجهتين.
5- أن يدخل أصبعيه في أذنيه، قال بلال: فجعلت أصبعي في أذني فأذنت. رواه أبو داود وابن حبان، وقال الترمذي: استحب أهل العلم أن يدخل المؤذن اصبعيه في أذنيه في الأذان.
6- أن يرفع صوته بالنداء، وإن كان منفردا في صحراء. فعن عبد الله ابن عبد الرحمن بن أبي صعصعة عن أبيه، أن أبا سعيد الخدري رضي الله عنه قال: إني أراك تحب الغنم والبادية، فإذا كنت في غنمك أو باديتك فارفع صوتك بالنداء فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة. قال أبو سعيد: سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه أحمد والبخاري والنسائي وابن ماجه.
7- أن يترسل في الأذان: أي يتمهل ويفصل بين كل كلمتين بسكتة، ويحذر الإقامة: أي يسرع فيها.
وقد روي ما يدل على استحباب ذلك من عدة طرق.
8- أن لا يتكلم أثناء الإقامة: أما الكلام أثناء الأذان فقد كرهه طائفة من أهل العلم، ورخص فيه الحسن وعطاء وقتادة.
وقال أبو داود: قلت لأحمد: الرجل يتكلم في أذانه؟ فقال: نعم. فقيل: يتكلم في الإقامة؟ قال: لا. وذلك لأنه يستحب فيها الاسراع.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.11- الأذان في أول الوقت وقبله:
الأذان يكون في أول الوقت، من غير تقديم عليه ولا تأخير عنه، إلا أذان الفجر فإنه يشرع تقديمه على أول الوقت. إذ أمكن التمييز بين الأذان الأول والثاني، حتى لا يقع الاشتباه.
فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن بلالا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم» متفق عليه.
والحكمة في جواز تقديم أذان الفجر على الوقت ما بينه الحديث الذي رواه أحمد وغيره عن ابن مسعود أنه صلى الله عليه وسلم قال: «لا يمنعن أحدكم أذان بلال من سحوره، فإنه يؤذن، أو قال: ينادي، ليرجع قائمكم وينبه نائمكم» ولم يكن بلال يؤذن بغير ألفاظ الأذان.
وروى الطحاوي والنسائي: أنه لم يكن بين أذانه وأذان ابن أم مكتوم إلا أن يرقى هذا وينزل هذا.كما يجوز أذان الصبي المميز.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.12- الفصل بين الأذان والإقامة:
يطلب الفصل بين الأذان والإقامة بوقت يسع التأهب للصلاة وحضورها لأن الأذان إنما شرع لهذا.وإلا ضاعت الفائدة منه.
والأحاديث الواردة في هذا المعنى كلها ضعيفة. وقد ترجم البخاري: باب كم بين الأذان والإقامة، ولكن لم يثبت التقدير. قال ابن بطال: لا حد لذلك غير تمكن دخول الوقت واجتماع المصلين.
وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: كان مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤذن ثم يمهل فلا يقيم، حتى إذا رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خرج، أقام الصلاة حين يراه رواه أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.13- من اذن فهو يقيم:
يجوز أن يقيم المؤذن وغيره باتفاق العلماء، ولكن الأولى أن يتولى المؤذن الإقامة.
قال الشافعي: وإذا أذن الرجل أحببت أن يتولى الإقامة.
وقال الترمذي: والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم، أن من أذن فهو يقيم.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.14- متى يقام إلى الصلاة:
قال مالك في الموطأ: لم أسمع في قيام الناس حين تقام الصلاة حدا محدودا، إني أرى ذلك على طافة الناس، فإن منهم الثقيل والخفيف. وروى ابن المنذر عن أنس، أنه كان يقوم إذا قال المؤذن: قد قامت الصلاة.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.15- الخروج من المسجد بعد الأذان:
ورد النهي عن ترك إجابة المؤذن، وعن الخروج من المسجد بعد الأذان إلا بعذر، أو مع العزم على الرجوع، فعن أبي هريرة قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا كنتم في المسجد فنودي بالصلاة فلا يخرج أحدكم حتى يصلي» رواه أحمد وإسناده صحيح.
وعن أبي الشعثاء عن أبيه عن أبي هريرة قال: خرج رجل من المسجد بعدما أذن المؤذن فقال: أما هذا فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم رواه مسلم وأصحاب السنن، وعن معاذ الجهني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الجفاء كل الجفاء، والكفر والنفاق، من سمع منادي الله ينادي يدعو إلى الفلاح ولا يجيبه» رواه أحمد والطبراني.
قال الترمذي: وقد روي عن غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، أنهم قالوا: «من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له».
وقال بعض أهل هذا على التغليظ والتشديد ولا رخصة لاحد في ترك الجماعة إلا من عذر.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.16- الأذان والإقامة للفائتة:
من نام عن صلاة أو نسيها فإنه يشرع له أن يؤذن لها ويقيم حينما يريد صلاتها، ففي رواية أبي داود في القصة التي نام فيها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ولم يستيقظوا حتى طلعت الشمس، أنه أمر بلالا فأذن وأقام وصلى، فإن تعددت الفوائت استحب له أن يؤذن ويقيم للاولى ويقيم لكل صلاة إقامة، قال الاثرم: سمعت أبا عبد الله يسأل عن رجل يقضي صلاة: كيف يصنع في الاذان؟ فذكر حديث هشيم عن أبي الزبير عن نافع بن جبير عن أبي عبيدة بن عبد الله عن أبيه: أن المشركين شغلوا النبي عن أربع صلوات يوم الخندق، حتى ذهب من الليل ما شاء الله قال: فأمر بلالا فأذن وأقام وصلى الظهر، ثم أمره فأقام فصلى العصر، ثم أمره فأقام فصلى المغرب، ثم أمره فأقام فصلى العشاء.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.17- أذان النساء واقامتهن:
قال ابن عمر رضي الله عنهما: ليس على النساء أذان ولا إقامة رواه البيهقي بسند صحيح وإلى هذا ذهب أنس، والحسن، وابن سيرين، والنخعي والثوري، ومالك، وأبو ثور، وأصحاب الرأي.
وقال الشافعي وإسحاق: إن أذن وأقمن فلا بأس. وروي عن أحمد: إن فعلن فلا بأس، وإن لم يفعلن فجائز.
وعن عائشة: «أنها كانت تؤذن وتقيم وتؤم النساء، وتقف وسطهن» رواه البيهقي.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.18- دخول المسجد بعد الصلاة فيه:
قال صاحب المغني: ومن دخل مسجدا قد صلي فيه، فإن شاء أذن وأقام، نص عليه أحمد لما روى الاثرم وسعيد بن منصور عن أنس: أنه دخل مسجدا قد صلوا فيه فأمر رجلا فأذن بهم وأقام. فصلى بهم في جماعة. وإن شاء صلى من غير أذان ولا إقامة، فإن عروة قال: إذا انتهيت إلى مسجد قد صلى فيه ناس أذنوا وأقاموا، فإن أذانهم وإقامهتم تجزئ عمن جاء بعدهم، وهذا قول الحسن والشعبي والنخعي، إلا أن الحسن قال: كان أحب إليهم أن يقيم، وإذا أذن فالمستحب أن يخفي ذلك ولا يجهر به، لئلا يغر الناس بالاذان في غير محله.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.19- الفصل بين الإقامة والصلاة:
يجوز الفصل بين الإقامة والصلاة بالكلام غيره. ولا تعاد الإقامة وإن طال الفصل. فعن أنس بن مالك قال: أقيمت الصلاة والنبي صلى الله عليه وسلم يناجي رجلا في جانب المسجد فما قام إلى الصلاة حتى نام القوم. رواه البخاري.
وتذكر النبي صلى الله عليه وسلم يوما أنه جنب بعد إقامة الصلاة، فرجع إلى بيته فاغتسل ثم عاد وصلى بأصحابه بدون إقامة.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.20- أذان غير المؤذن الراتب:
لا يجوز أن يؤذن غير المؤذن الراتب إلا بإذنه، أو أن يتخلف فيؤذن غيره مخافة فوات وقت التأذين.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.21- ما أضيف إلى الأذان وليس منه:
الأذان عبادة، ومدار الأمر في العبادات على الاتباع. فلا يجوز لنا أن نزيد شيئا في ديننا أو ننقص منه.
وفي الحديث الصحيح: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد»: أي باطل.
ونحن نشير هنا إلى أشياء غير مشروعة درج عليها الكثير، حتى خيل للبعض أنها من الدين، وهي ليست منه في شئ، من ذلك:
1- قول المؤذن حين الأذان أو الإقامة: أشهد أن سيدنا محمدا رسول الله.
رأى الحافظ ابن حجر أنه لا يزاد ذلك في الكلمات المأثورة، ويجوز أن يزاد في غيرها.
2- قال الشيخ اسماعيل العجلوني في كشف الخفاء مسح العينين بباطن أنملتي السبابتين بعد تقبيلهما عند سماع قول المؤذن: أشهد أن محمدا رسول الله، مع قوله: أشهد أن محمدا عبده ورسوله، رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا رواه الديلمي عن أبي بكر، أنه لما سمع قول المؤذن: أشهد أن محمدا رسول الله، قاله وقبل باطن أنملتي السبابتين ومسح عينيه فقال صلى الله عليه وسلم: من فعل فعل خليلي فقد حلت له شفاعتي.
قال في المقاصد: لا يصح وكذا لا يصح ما رواه أبو العباس بن أبي بكز الرداد اليماني المتصوف في كتابه «موجبات الرحمة وعزائم المغفرة» بسند فيه مجاهيل مع انقطاعه، عن الخضر عليه السلام أنه قال: من قال حين يسمع المؤذن يقول: أشهد أن محمدا رسول الله، مرحبا بحبيبي وقرة عيني محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، ثم يقبل إبهاميه ويجعلهما على عينيه لم يعم، ولم يرمد أبدا، ونقل غير ذلك ثم قال: ولم يصح في المرفوع من كل ذلك.
3- التغني في الأذان واللحن فيه بزيادة حرف أو حركة أو مد، وهذا مكروه، فإن أدى إلى تغيير معنى أو إبهام محذور فهو محرم.
وعن يحيى البكاء: قال رأيت ابن عمر يقول لرجل إني لأبغضك في الله، ثم قال لأصحابه: إنه يتغنى في أذانه، ويأخذ عليه أجرا.
4- التسبيح قبل الفجر: قال في الاقناع وشرحه، من كتب الحنابلة: وما سوى التأذين قبل الفجر من التسبيح والنشيد ورفع الصوت بالدعاء ونحو ذلك في المآذن، فليس بمسنون، وما من أحد من العلماء قال إنه يستحب، بل هو من جملة البدع المكروهة لأنه لم يكن في عهده صلى الله عليه وسلم، ولا في عهد أصحابه. وليس له أصل فيما كان على عهدهم يرد إليه، فليس لاحد أن يأمر به ولا ينكر على من تركه، ولا يعلق استحقاق الرزق به لأنه إعانة على بدعة ولا يلزم فعله، ولو شرطه الواقف لمخالفته السنة.
وفي كتاب تلبيس إبليس لعبد الرحمن بن الجوزي: وقد رأيت من يقوم بليل كثير على المنارة فيعظ ويذكر ويقرأ سورة من القرآن بصوت مرتفع، فيمنع الناس من نومهم ويخلط على المتهجدين قراءتهم، وكل ذلك من المنكرات، وقال الحافظ في الفتح: ما أحدث من التسبيح قبل الصبح وقبل الجمعة ومن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ليس من الأذان لا لغة ولا شرعا.
15- الجهر بالصلاة والسلام على الرسول صلى الله عليه وسلم عقب الاذن غير مشروع، بل هو محدث مكروه، قال ابن حجر في الفتاوى الكبرى: قد استفتى مشايخنا وغيرهم في الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم بعد الاذن على الكيفية التي يفعلها المؤذنون، فأفتوا بأن الاصل سنة، والكيفية بدعة، وسئل الشيخ محمد عبده مفتي الديار المصرية عن الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم عقب الاذان؟ فأجاب: أما الأذان فقد جاء في الخانية أنه ليس لغير المكتوبات، وأنه خمس عشرة كلمة وآخره عندنا، لا إله إلا الله، وما يذكر بعده أو قبله كله من المستحدثات المبتدعة، ابتدعت للتلحين لا لشئ آخر ولا يقول أحد بجواز هذا التلحين، ولا عبرة بقول من قال: إن شيئا من ذلك بدعة حسنة، لأن كل بدعة في العبادات على هذا النحو فهي سيئة، ومن ادعى أن ذلك ليس فيه تلحين فهو كاذب.
==========
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.شروط الصلاة:
الشروط التي تتقدم الصلاة ويجب على المصلي أن يأتي بها بحيث لو ترك شيئا منها تكون صلاته باطلة هي:
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.1- العلم بدخول الوقت:
ويكفي غلبة الظن، فمن تيقن أو غلب على ظنه دخول الوقت أبيحت له الصلاة، سواء كان ذلك باختيار الثقة، أو أذان المؤذن المؤتمن، أو الاجتهاد الشخصي أو أي سبب من الاسباب التي يحصل بها العلم.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.2- الطهارة من الحدث الاصغر والأكبر:
لقول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبا فاطهروا} ولحديث ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يقبل الله صلاة بغير طهور، ولا صدقة من غلول» رواه الجماعة إلا البخاري.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.3- طهارة البدن والثوب والمكان:
الذي يصلى فيه من النجاسة الحسية، متى قدر على ذلك، فإن عجز عن إزالتها صلى معها، ولا إعادة عليه.
أما طهارة البدن فلحديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تنزهوا من البول، فإن عامة عذاب القبر منه» رواه الدار قطني وحسنه.
وعن علي رضي الله عنه قال: كنت رجلا مذاء فأمرت رجلا أن يسأل النبي صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته، فسأل فقال: «توضأ واغسل ذكرك» رواه البخاري وغيره.
وروى أيضا عن عائشة، أنه صلى الله عليه وسلم قال للمستحاضة: «اغسلي الدم عنك وصلي».
وأما طهارة الثوب، فلقوله تعالى: {وثيابك فطهر} وعن جابر بن سمرة قال: سمعت رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أصلي في الثوب الذي آتي فيه أهلي؟ قال: «نعم إلا أن ترى فيه شيئا فتغسله» رواه أحمد وابن ماجه بسند رجاله ثقات، وعن معاوية قال: «قلت لام حبيبة: هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في الثوب الذي يجامع فيه؟ قالت: نعم إذا لم يكن فيه أذى» رواه أحمد وأصحاب السنن، إلا الترمذي.
وعن أبي سعيد أنه صلى الله عليه وسلم صلى فخلع نعليه فخلع الناس نعالهم، فلما انصرف قال: «لم خلعتم»؟ قالوا رأيناك خلعت فخلعنا، فقال: «إن جبريل أتاني فأخبرني أن بهما خبثا فإذا جاء أحدكم المسجد فليقلب نعليه ولينظر فيهما فإن رأى خبثا فليمسحه بالأرض ثم ليصل فيهما» رواه أحمد وأبو داود والحاكم وابن حبان وابن خزيمة وصححه.
وفي الحديث دليل على أن المصلي إذا دخل في الصلاة وهو متلبس بنجاسة غير عالم بها أو ناسيا لها، ثم علم بها أثناء الصلاة، فإنه يجب عليه إزالتها ثم يستمر في صلاته ويبني على ما صلى، ولا إعادة عليه.
وأما طهارة المكان الذي يصلي فيه فلحديث أبي هريرة قال: قام أعرابي فبال في المسجد فقام إليه الناس ليقعوا به.
فقال صلى الله عليه وسلم: «دعوه وأريقوا على بوله سجلا من ماء، أو ذنوبا من ماء، فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين» رواه الجماعة إلا مسلما.
قال الشوكاني - بعد أن ناقض أدلة القائلين باشتراط طهارة الثوب - إذا تقرر ما سقناه لك من الادلة، وما فيها، فاعلم أنها لا تقصر عن إفادة وجوب تطهير الثياب.
فمن صلى وعلى ثوبه نجاسة كان تاركا لواجب، وإما أن صلاته باطلة - كما هو شأن فقدان شرط الصحة - فلا.
وفي الروضة الندية: وقد ذهب الجمهور إلى وجوب تطهير الثلاثة: البدن، والثوب، والمكان للصلاة، وذهب جمع إلى أن ذلك شرط لصحة الصلاة، وذهب آخرون إلى أنه سنة.
والحق الوجوب، فمن صلى ملابسا لنجاسة عامدا فقد أخل بواجب، وصلاته صحيحة.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.4- سترة العورة:
لقول الله تعالى: {يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد} والمراد بالزينة ما يستر العورة، والمسجد: الصلاة، أي استروا عورتكم عند كل صلاة. وعن سلمة بن الاكوع رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله. أفأصلي في القميص؟ قال: «نعم زرره ولو بشوكة» رواه البخاري في تاريخ وغيره.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.حد العورة من الرجل:
العورة التي يجب على الرجل سترها عند الصلاة، القبل والدبر، أما ما عداهما من الفخذ والسرة والركبة فقد اختلفت فيها الأنظار تبعا لتعارض الاثار فمن قائل بأنها ليست عورة ومن ذاهب إلى أنها عورة.
حجة من يرى أنها ليست عورة:
استدل القائلون بأن السرة والفخذ والركبة ليست بعورة بهذه الأحاديث:
1- عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان جالسا كاشفا عن فخذه، فاستأذن أبو بكر فأذن له وهو على حاله، ثم استأذن عمر فأذن له، وهو على حاله ثم استأذن عثمان فأرخى عليه ثيابه. فلما قاموا قلت: يا رسول الله استأذن أبو بكر وعمر فأذنت لهما وأنت على حالك، فلما استأذن عثمان أرخيت عليك ثيابك؟ فقال: «يا عائشة ألا أستحي من رجل والله إن الملائكة لتستحي منه» رواه أحمد، وذكره البخاري تعليقا.
2- وعن أنس: «أن النبي صلى الله عليه وسلم يوخ خيبر حسر الازار عن فخذه، حتى إني لانظر إلى بياض فخذه» رواه أحمد والبخاري.
قال ابن حزم: فصح أن الفخذ ليست عورة، ولو كانت عورة لما كشفها الله عز وجل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم المطهر المعصوم من الناس، في حال النبوة والرسالة ولا أراها أنس بن مالك ولا غيره، وهو تعالى قد عصمه من كشف العورة، في حال الصبا وقبل النبوة، ففي الصحيحين عن جابر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينقل معهم الحجارة للكعبة وعليه إزاره، فقال له عمه العباس: يا ابن أخي لو حللت إزارك فجعلته على منكبك دون الحجارة؟ قال فحله وجعله على منكبه فسقط مغشيا عليه، فما رئي بعد ذلك اليوم عريانا.
3- وعن مسلم عن أبي العالية البراء قال: إن عبد الله ابن الصامت ضرب فخذي وقال: إني سألت أبا ذر فضرب فخذي كما ضربت فخذك وقال: إني سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سألتني فضرب فخذي كما ضربت فخذك وقال: «صل الصلاة لوقتها» إلى آخر الحديث.
قال ابن حزم: فلو كانت الفخذ عورة لما مسها رسول الله، من أبي ذر أصلا بيده المقدسة؟ ولو كانت الفخذ عورة عند أبي ذر، لما ضرب عليها بيده، وكذلك عبد الله بن الصامت وأبو العالية.
وما يستحل لمسلم أن يضرب بيده على قبل إنسان، على الثياب ولا على حلقة دبر إنسان على الثياب، ولا على بدن امرأة أجنبية على الثياب، البتة.
4- ثم ذكر ابن حزم بإسناده إلى حبير بن الحويرث، أنه نظر إلى فخذ أبي بكر وقد انكشفت، وأن أنس بن مالك أتى قس بن شماس، وقد حسر عن فخذيه.
حجة من يرى أنها عورة:
واستدل القائلون بأنها عورة بهذين الحديثين:
1- عن محمد بن جحش قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على معمر، وفخذاه مكشوفتان فقال: «يا معمر غط فخذيك فإن الفخذين عورة» رواه أحمد والحاكم والبخاري في تاريخه، وعلقه في صحيحه.
2- وعن جرهد قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي بردة وقد انكشفت فخذي فقال: «غط فخذيك فإن الفخذ عورة» رواه مالك وأحمد وأبو داود والترمذي وقال: حسن: وذكره البخاري في صحيحه معلقا.
هذا هو ما استدل به كل من الفريقين، وللناظر في هذا أن يختار أي الرأيين، وإن كان الاحوط في الدين أن يستر المصلي ما بين سرته وركبته ما أمكن ذلك.
قال البخاري: حديث أنس أسند، وحديث جرهد أحوط: أي حديث أنس المتقدم أصح إسنادا.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.حد العورة من المرأة:
بدن المرأة كله عورة يجب عليها ستره، ما عدا الوجه والكفين قال الله تعالى {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها}، أي ولا يظهرن مواضع الزينة، إلا الوجه والكفين، كما جاء ذلك صحيحا عن ابن عباس وابن عمر وعائشة، وعنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار» رواه الخمسة إلا النسائي، وصححه ابن خزيمة والحاكم وقال الترمذي: حديث حسن.
وعن أم سلمة: أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم: أتصلي المرأة في درع وخمار بغير إزار؟ قال: «إذا كان الدرع سابغا يغطي ظهور قدميها» رواه أبو داود وصحح الائمة وقفه.
وعن عائشة أنها سئلت. «في كم تصلي المرأة من الثياب، فقالت للسائل: سل علي بن أبي طالب ثم ارجع إلي فأخبرني، فأتى عليا فسأله فقال: في الخمار والدرع السابغ. فرجع إلى عائشة فأخبرها فقالت: صدق».
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.ما يجب من الثياب وما يستحب منها:
الواجب من الثياب ما يستر العورة، وإن كان الساتر ضيقا يحدد العورة، فإن كان خفيفا يبين لون الجلد من ورائه فيعلم بياضه أو حمرته لم تجز الصلاة فيه، ويجوز الصلاة في الثوب الواحد، كما تقدم في حديث سلمة بن الاكوع، وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الصلاة في ثوب واحد فقال: «أو لكلكم ثوبان؟» رواه مسلم ومالك وغيرهما.
ويستحب أن يصلي في ثوبين أو أكثر، وأن يتجمل ويتزين ما أمكن ذلك.
فعن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا صلى أحدكم فليلبس ثوبيه، فإن الله أحق من تزين له، فإن لم يكن له ثوبان فليتزر إذا صلى، ولا يشتمل أحدكم في صلاته اشتمال اليهود» رواه الطبراني والبيهقي.
وروى عبد الرازق: أن أبي بن كعب وعبد الله بن مسعود اختلفا فقال أبي: الصلاة في الثوب الواحد غير مكروهة وقال ابن مسعود: إنما كان ذلك وفي الثياب قلة.
فقام عمر على المنبر فقال: القول ما قال أبي ولم يأل ابن مسعود، إذا وسع الله فأوسعوا: جمع رجل عليه ثيابه، صلى رجل في إزار ورداء، في إزار وقميص.
في إزار وقباء، في سراويل ورداء، في سراويل وقميص، في سراويل وقباء، في تبان وقباء، في تبان وقميص قال وأحسبه قال: في تبان ورداء، وهو في البخاري بدون ذكر السبب.
وعن بريدة قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي الرجل في لحاف واحد لا يتوشح به، ونهى أن يصلي الرجل في سراويل وليس عليه رداء. رواه أبو داود والبيهقي.
وعن الحسن بن علي رضي الله عنهما: أنه كان إذا قام إلى الصلاة لبس أجود ثيابه فسئل عن ذلك فقال: إن الله جميل يحب الجمال فأتجمل لربي، وهو يقول: {خذوا زينتكم عند كل مسجد}.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.كشف الرأس في الصلاة:
روى ابن عساكر عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ربما نزع قلنسوته فجعلها سترة بين يديه.
وعند الحنفية أنه لا بأس بصلاة الرجل حاسر الرأس، واستحبوا ذلك إذا كان للخشوع.
ولم يرد دليل بأفضلية تغطية الرأس في الصلاة.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.5- استقبال القبلة:
اتفق العلماء على أنه يجب على المصلي أن يستقبل المسجد الحرام عند الصلاة.
لقول الله تعالى: «فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره» وعن البراء قال: صلينا مع النبي صلى الله عليه وسلم ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا نحو بيت المقدس ثم صرفنا نحو الكعبة رواه مسلم.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.حكم المشاهد للكعبة وغير المشاهد لها:
المشاهد للكعبة يجب عليه أن يستقبل عينها، والذي لا يستطيع مشاهدتها يجب عليه أن يستقبل جهتها، لأن هذا هو المقدور عليه، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها.
وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما بين المشرق والمغرب قبلة» رواه ابن ماجه والترمذي وقال: حسن صحيح، وقرأه البخاري، هذا بالنسبة لاهل المدينة، ومن جرى مجراهم كأهل الشام والجزيرة والعراق.
وأما أهل مصر فقبلتهم بين المشرق والجنوب، وأما اليمن فالمشرق يكون عن يمين المصلي والمغرب عن يساره، والهند يكون المشرق خلف المصلي والمغرب أمامه. وهكذا.
==========
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.بم تعرف القبلة؟
كل بلد له أدلة تختص به يعرف بها القبلة.
ومن ذلك المحاريب التي نصبها المسلمون في المساجد، وكذلك بيت الابرة {البوصلة}.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.حكم من خفيت عليه:
من خفيت عليه أدلة القبلة، لغيم أو ظلمة مثلا وجب عليه أن يسأل من يدله عليها، فإن لم يجد من يسأله اجتهد وصلى إلى الجهة التي إليها اجتهاده، وصلاته صحيحة ولا اعادة عليه، حتى ولو تبين له خطؤة بعد الفراغ من الصلاة، فإن تبين له الخطأ أثناء الصلاة استدار إلى القبلة ولا يقطع صلاته.
فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: بينما الناس بقباء في صلاة الصبح، إذ جاءهم آت فقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قد أنزل عليه الله قرآن، وقد أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها.
وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة، متفق عليه.
ثم إذا صلى بالاجتهاد إلى جهة لزمه إعادة الاجتهاد إذا أراد صلاة أخرى، فإن تغير اجتهاده عمل بالثاني، ولا يعيد ما صلاة بالأول.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.متى يسقط الاستقبال:
استقبال القبلة فريضة، لا يسقط إلا في الأحوال الآتية:
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.1- صلاة النفل للراكب:
يجوز للراكب أن يتنفل على راحلته، يومئ بالركوع والسجود، ويكون سجوده أخفض من ركوعه، وقبلته حيث اتجهت دابته.
فعن عامر بن ربيعة قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على راحلته حيث توجهت به رواه البخاري ومسلم، وزاد البخاري: يومئ، والترمذي: ولم يكن يصنعه في المكتوبة.
وعند أحمد ومسلم والترمذي: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي على راحلته وهو مقبل من مكة إلى المدينة حيثما توجهت به، وفيه نزلت: {فأينما تولوا فثم وجه الله}.
وعن إبراهيم النخعي قال: كانوا يصلون في رحالهم ودوابهم حيثما توجهت، وقال ابن حزم: وهذه حكاية عن الصحابة والتابعين، عموما في الحضر والسفر.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.2- صلاة المكره والمريض والخائف:
الخائف والمكره والمريض يجوز لهم الصلاة لغير القبلة إذا عجزوا عن استقبالها، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم».
وفي قول الله تعالى: {فإن خفتم فرجالا أو ركبانا} قال ابن عمر رضي الله عنهما: مستقبلي القبلة أو غير مستقبليها، رواه البخاري.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.كيفية الصلاة:
جاء الأحاديث عن سول الله صلى الله عليه وسلم مبينة كيفية الصلاة وصفتها.
ونحن نكتفي هنا بإيراد حديثين: الأول من فعله صلى الله عليه وسلم، والثاني من قوله:
1- عن عبد الله بن غنم: أن أبا مالك الاشعري جمع قومه فقال: يا معشر الاشعريين اجتمعوا واجمعوا نساءكم وأبناءكم أعلمكم صلاة النبي صلى الله عليه وسلم التي كان يصلي لنا بالمدينة فاجتمعوا وجمعوا نساءهم وأبناءهم، فتوضأ وأراهم كيف يتوضأ.
فأحصى الوضوء إلى أماكنه حتى أفاء الفئ وانكسر الظل قام فأذن. فصف الرجال في أدنى الصف، وصف الولدان خلفهم. وصف النساء خلف الولدان، ثم أقام الصلاة، فتقدم فرفع يديه فكبر، فقرأ بفاتحة الكتاب وسورة يسرها. ثم كبر فركع فقال: سبحان الله وبحمده ثلاث مرات، ثم قال: سمع الله لمن حمده واستوى قائما، ثم كبر وخر ساجدا، ثم كبر فرفع رأسه، ثم كبر فسجد، ثم كبر فانتهض قائما. فكان تكبيرة في أول ركعة ست تكبيرات. وكبر حين قام إلى الركعة الثانية. فلما قضى صلاته، أقبل إلى قومه بوجهه فقال: احفظوا تكبيري وتعلموا ركوعي وسجودي، فإنها صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي كان يصلي لنا كذا الساعة من النهار، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قضى صلاته أقبل إلى الناس بوجهه فقال: «يا أيها الناس اسمعوا واعقلوا، واعلموا أن الله عز وجل عبادا ليسوا بأنبياء ولا شهداء، يغبطهم الانبياء والشهداء على مجالسهم وقربهم من الله، فجاء رجل من الاعراب من قاصية الناس وألوى بيده إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله. ناس من الناس ليسوا بأنبياء ولا شهداء، يغبطهم الانبياء والشهداء على مجالسهم وقربهم من الله؟ انعتهم لنا فسر وجه النبي صلى الله عليه وسلم لسؤال الاعرابي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وهم ناس من أفياء الناس ونوازع القبائل، لم تصل بينهم أرحام متقاربة، تحابوا في الله وتصافوا، يضع الله لهم يوم القيامة منابر من نور فيجلسهم عليها، فيجعل وجوههم نورا، وثيابهم نورا، يفزع الناس يوم القيامة ولا يفزعون، وهم أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون» رواه أحمد وأبو يعلى بإسناد حسن، والحاكم وقال: صحيح الاسناد.
2- عن أبي هريرة قال: دخل رجل المسجد فصلى، ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسلم. فرد عليه السلام وقال: «إرجع فصل فإنك لم تصل» فرجع، ففعل ذلك ثلاث مرات.
قال فقال: والذي بعثك بالحق ما أحسن غير هذا فعلمني، قال: «إذا قمت إلى الصلاة فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعا ثم ارفع حتى تعتدل قائما، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها» رواه أحمد والبخاري ومسلم.
وهذا الحديث يسمى حديث المسئ في صلاته.
هذا جملة ما ورد في صفة الصلاة من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوله، ونحن نفعل ذلك مع التمييز بين الفرائض والسنن.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.فرائض الصلاة:
للصلاة فرائض وأركان تتركب منها حقيقتها، حتى إذا تخلف فرض منها لا تتحقق ولا يعتد بها شرعا.
وهذا بيانها:
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.1- النية:
لقول الله تعالى: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين} ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما الاعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله. ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه» رواه البخاري.
وقد تقدمت حقيقتها في الوضوء.
التلفظ بها:
قال ابن القيم في كتابه إعانة اللهفان: النية هي القصد والعزم على الشئ، ومحلها القلب لا تعلق بها باللسان أصلا، ولذلك لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن الصحابة في النية لفظ بحال، وهذه العبارات التي أحدثت عند افتتاح الطهارة والصلاة، قد جعلها الشيطان معتركا لاهل الوسواس يحبسهم عندها ويعذبهم فيها، ويوقعهم في طلب تصحيحها.
فترى أحدهم يكررها، ويجهد نفسه في التفظ، وليست من الصلاة في شئ.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.2- تكبيرة الاحرام:
لحديث علي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم» رواه الشافعي وأحمد وأبو داود وابن ماجه والترمذي، وقال: هذا أصح شيء في هذا الباب وأحسن، وصححه الحاكم وابن السكن، ولما ثبت من فعل الرسول صلى الله عليه وسلم وقوله، كما ورد في الحديثين المتقدمين.
ويتعين لفظ «الله أكبر» لحديث أبي حميد: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قام إلى الصلاة اعتدل قائما ورفع يديه ثم قال: «الله أكبر»، رواه ابن ماجه، وصححه ابن خزيمة وابن حبان.
ومثله ما أخرجه البزار بإسناد صحيح على شرط مسلم، عن علي أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا قام إلى الصلاة قال: «الله أكبر».
وفي حديث «المسئ في صلاته» عند الطبراني ثم يقول «الله أكبر».
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.3- القيام في الفرض:
وهو واجب بالكتاب والسنة والاجماع لمن قدر عليه قال الله تعالى: {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين}.
وعن عمر بن حصين قال: كانت بي بواسير، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة؟ فقال: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعل جنب» رواه البخاري.
وعلى هذا اتفقت كلمة العلماء، كما اتفقوا على استحباب تفريق القدمين أثناءه.
والمراد بالقيام القيام للصلاة.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.القيام في النفل:
أما النفل، فإنه يجوز أن يصلي من قعود مع القدرة على القيام، إلا أن ثواب القائم أتم من ثواب القاعد، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: حدثت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «صلاة الرجل قاعدا نصف الصلاة» رواه البخاري ومسلم.
العجز عن القيام في الفرض: ومن عجز عن القيام في الفرض صل على حسب قدرته، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، وله أج ره كاملا غير منقوص.
فعن أبي موسى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا مرض العبد أو سافر كتب الله له ما كان يعمله وهو صحيح مقيم» رواه البخاري.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.4- قراءة الفاتحة:
في كل ركعة من ركعات الفروض والنفل: قد صحت الأحاديث في افتراض قراءة الفاتحة في كل ركعة، وما دامت الأحاديث في ذلك صحيحة صريحة فلا مجال للخلاف ولا موضع له ونحن نذكرها فيما يلي:
1- عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب»، رواه الجماعة.
2- وعن أبي هريرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن - وفي رواية: بفاتحة الكتاب - فهي خداج هي خداج غير تمام» رواه أحمد والشيخان.
3- وعنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تجزئ صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب» رواه ابن خزيمة بإسناد صحيح، ورواه ابن حبان وأبو حاتم.
4- وعند الدار قطني بإسناد صحيح «لا تجزئ صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب».
5- وعن أبي سعيد «أمرنا أن نقرأ بفاتحة الكتاب وما تيسر» رواه أبو داود، قال الحافظ وابن سيد الناس: إسناده صحيح.
6- وفي بعض طريق حديث المسئ في صلاته: «ثم اقرأ بأم القرآن» إلى أن قال له: «ثم افعل ذلك في كل ركعة».
7- ثم الثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ الفاتحة في كل ركعة من ركعات الفرض والنفل، ولم يثبت عنه خلاف ذلك، ومدار الأمر في العبادة على الاتباع.
فقد قال صلى الله عليه وسلم: «صلوا كما رأيتموني أصلي» رواه البخاري.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.البسملة:
اتفق العلماء على أن البسملة بعض آية في سورة النمل، واختلفوا في البسملة الواقعة في أول السور إلى ثلاثة مذاهب مشهورة.
الأول: أنها آية من الفاتحة ومن كل سورة وعلى هذا فقراءتها واجبة في الفاتحة وحكمها حكم الفاتحة في السر والجهر، وأقوى دليل لهذا المذهب حديث نعيم المجمر، قال: صليت وراء أبي هريرة فقرأ «بسم الله الرحمن الرحيم، ثم قرأ بأم القرآن» الحديث وفي آخره قال: والذي نفسي بيده أني لاشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه النسائي وابن خزيمة وابن حبان.
قال الحافظ في الفتح: وهو أصح حديث ورد في الجهر بالبسملة.
الثاني: أنها آية مستقلة أنزلت للتيمن والفصل بين السور، وأن قراءتها في الفاتحة جائزة بل مستحبة، ولا يسن الجهر بها.
لحديث أنس قال: «صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف أبي بكر وعمر وعثمان، وكانوا لا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم» رواه النسائي وابن حبان والطحاوي بإسناد على شرط الصحيحين.
الثالث: أنها ليست بآية من الفاتحة ولا من غيرها، وأن قراءتها مكروهة سرا وجهرا في الفرض دون النافلة، وهذا المذهب ليس بالقوي.
وقد جمع ابن القيم بين المذهب الأول والثاني فقال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يجهر {ببسم الله الرحمن الرحيم} تارة، ويخفيها أكثر مما يجهر بها، ولا ريب أنه لم يجهر بها دائما في كل يوم وليلة خمس مرات أبدا، حضرا وسفرا، ويخفي ذلك على خلفائه الراشدين وعلى جمهور أصحابه وأهل بلده في الاعصار الفاضلة.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.من لم يحسن فرض القراءة.:
قال الخطابي: الاصل أن الصلاة لا تجزئ، إلا بقراءة فاتحة الكتاب، ومعقول أن قراءة فاتحة الكتاب على من أحسنها دون من لا يحسنها، فإذا كان المصلي لا يحسنها ويحسن غيرها من القرآن، كان عليه أن يقرأ منه قدر سبع آيات، لأن أولى الذكر بعد الفاتحة ما كان مثلها من القرآن، وإن كان ليس في وسعه أن يتعلم شيئا من القرآن، لعجز في طبعه أو سوء في حفظه، أو عجمة في لسانه. أو عاهة تعرض له، كان أولى الذكر بعد القرآن ما علمه النبي صلى الله عليه وسلم، من التسبيح والتحميد والتهليل.
وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أفضل الذكر بعد كلام الله، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر» انتهى.
ويؤيد ما ذكره الخطابي من حديث رفاعة بن رافع، أن النبي صلى الله عليه وسلم علم رجلا الصلاة فقال: «إن كان معك قرآن فاقرأ وإلا فأحمده وكبره وهلله ثم اركع». رواه أبو داود والترمذي وحسنه.
والنسائي والبيهقي.
==========
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.5- الركوع:
وهو مجمع على فرضيته، لقول الله تعالى: {يأيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا}.
بم يتحقق: يتحقق الركوع بمجرد الانحناء، بحيث تصل اليدان إلى الركبتين، ولا بد من الطمأنينة فيه، لما تقدم في حديث المسئ في صلاته «ثم اركع حتى تطمئن راكعا» وعن أبي قتادة.
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أسوأ الناس سرقة الذي يسرق من صلاته فقالوا: يا رسول الله وكيف يسرق من صلاته؟ قال: لا يتم ركوعها ولا سجودها أو قال: لا يقيم صلبه في الركوع والسجود» رواه أحمد والطبراني وابن خزيمة والحاكم وقال صحيح الاسناد.
وعن أبي مسعود البدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تجزئ صلاة لا يقيم الرجل فيها صلبه في الركوع والسجود» رواه الخمسة وابن خزيمة وابن حبان والطبراني والبيهقي، وقال: إسناده صحيح.
وقال الترمذي: حسن صحيح.
والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم، يرون أن يقيم الرجل صلبه في الركوع والسجود.
وعن حذيفة: أنه رأى رجلا لا يتم الركوع والسجود فقال له: ما صليت، ولو مت مت على غير الفطرة التي فطر الله عليها محمدا صلى الله عليه وسلم، رواه البخاري.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.6- الرفع من الركوع والاعتدال قائما مع الطمأنينة:
لقول أبي حميد في صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم «وإذا رفع رأسه استوى قائما حتى يعود كل فقار إلى مكانه» رواه البخاري ومسلم.
وقالت عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم: «فكان إذا رفع رأسه من الركوع لم يسجد حتى يستوي قائما» رواه مسلم، وقال صلى الله عليه وسلم: «ثم ارفع حتى تعتدل قائما» متفق عليه.
وعن أبي هريرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا ينظر إلى صلاة رجل لا يقيم صلبه بين ركوعه وسجوده» رواه أحمد، قال المنذري: إسناده جيد.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.7- السجود:
وقد تقدم ما يدل على وجوبه من الكتاب وبينه رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله للمسئ في صلاته: «ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم ارفع حتى تطمئن جالسا ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا».
فالسجدة الأولى والرفع منها. ثم السجدة الثانية مع الطمأنينة في ذلك كله فرض في كل ركعة من ركعات الفرض والنفل.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.حد الطمأنينة:
الطمأنينة المكث زمنا ما بعد استقرار الاعضاء، قدر أدناها العلماء بمقدار تسبيحة.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.أعضاء السجود:
أعضاء السجود: الوجه، والكفان، والركبتان، والقدمان.
فعن العباس ابن عبد المطلب أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا سجد العبد سجد معه سبعة آراب: وجهه، وكفاه، وركبتاه، وقدماه» رواه الجماعة إلا البخاري.
وعن ابن عباس قال: أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يسجد على سبعة أعضاء ولا يكف شعرا ولا ثوبا: الجبهة، واليدين والركبتين والرجلين.
وفي لفظ، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: على الجبهة - وأشار بيده على أنفه - واليدين، والركبتين، وأطراف القدمين» متفق عليه.
وفي رواية: «أمرت أن أسجد على سبع ولا أكفت الشعر ولا الثياب، الجبهة، والانف، واليدين، والركبتين، والقدمين» رواه مسلم والنسائي.
وعن أبي حميد: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد أمكن أنفه وجبهته من الأرض، رواه أبو داود والترمذي وصححه، وقال: والعمل على هذا عند أهل العلم: أن يسجد الرجل على جبهته وأنفه.
فإن سجد على جبهته دون أنفه، فقال قوم من أهل العلم: يجزئه، وقال غيرهم: لا يجزئه حتى يسجد على الجبهة والأنف.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.8- القعود الأخير وقراءة التشهد فيه:
الثابت المعروف من هدى النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقعد القعود الأخير يقرأ فيه التشهد، وأنه قال للمسئ في صلاته: «فإذا رفعت رأسك من آخر سجدة وقعدت قدر التشهد فقد تمت صلاتك».
قال ابن قدامة: وقد روي عن ابن عباس أنه قال: كنا نقول قبل أن يفرض علينا التشهد: السلام على الله قبل عباده، السلام على جبريل، السلام على ميكائيل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تقولوا: السلام على الله، ولكن قولوا: التحيات لله»، وهذا يدل على أنه فرض بعد أن لم يكن مفروضا.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.أصح ما ورد في التشهد:
أصح ما ورد في التشهد تشهد ابن مسعود، قال: «كنا إذا جلسنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة قلنا السلام على الله قبل عباده، السلام على فلان وفلان. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقولوا السلام على الله، فإن الله هو السلام، ولكن إذا جلس أحدكم فليقل: التحيات لله، والصلوات، والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، فإنكم إذا قلتم ذلك أصاب كل عبد صالح في السماء والأرض. أو بين السماء والأرض. أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، ثم ليختر أحدكم من الدعاء أعجبه إليه فيدعو به» رواه الجماعة.
قال مسلم: أجمع الناس على تشهد ابن مسعود، لأن أصحابه لا يخالف بعضهم بعضا، وغيره قد اختلف أصحابه.
وقال الترمذي والخطابي وابن عبد البر وابن المنذر: تشهد ابن مسعود أصح حديث في التشهد، ويلي تشهد ابن مسعود في الصحة تشهد ابن عباس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد كما يعلمنا القرآن، وكان يقول «التحيات المباركات، الصلوات الطيبات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله» رواه الشافعي ومسلم وأبو داود والنسائي.
قال الشافعي: ورويت أحاديث في التشهد مختلفة، وكان هذا أحب إلي، لأنه أكملها.
قال الحافظ: سئل الشافعي عن اختياره وتشهد ابن عباس فقال: لما رأيته واسعا وسمعته عن ابن عباس صحيحا، وكان عندي أجمع وأكثر لفظا من غيره أخذت به غير معنف لمن يأخذ بغيره مما صح.
وهناك تشهد آخر اختاره مالك، ورواه في الموطأ عن عبد الرحمن بن عبد القاري، أنه سمع عمر بن الخطاب وهو على المنبر يعلم الناس التشهد يقول: قولوا: التحيات لله، الزاكيات لله، الطيبات والصلوات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
قال النووي: هذه الأحاديث في التشهد كلها صحيحة، وأشدها صحة باتفاق المحدثين حديث ابن مسعود ثم ابن عباس.
قال الشافعي: وبأيها تشهد أجزأه، وقد أجمع العلماء على جواز كل واحد منها.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.9- السلام:
ثبتت فرضية السلام من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وفعله.
فعن علي رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم» رواه أحمد والشافعي وأبو داود وابن ماجه والترمذي.
وقال: هذا أصح شيء في الباب وأحسن.
وعن عامر بن سعد عن أبيه قال: «كنت أرى النبي صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه وعن يساره حتى يرى بياض خده» ورواه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه.
وعن وائل بن حجر قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يسلم عن يمينه: «السلام عليكم ورحمة الله وبركاته».
وعن شماله: «السلام عليكم ورحمة الله وبركاته» قال الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام رواه أبو داود بإسناد صحيح.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.وجوب التسليمة الواحدة واستحباب التسليمة الثانية:
يرى جمهور العلماء أن التسليمة الأولى هي الفرض، وأن الثانية مستحبة.
قال ابن المنذر: أجمع العلماء على أن صلاة من اقتصر على تسليمه واحدة جائزة.
وقال ابن قدامة في المغني: وليس نص أحمد بصريح في وجوب التسليمتين، إنما قال: التسليمتان أصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيجوز أن يذهب إليه في المشروعية لا الايجاب، كما ذهب إلى ذلك غيره، وقد دل عليه قوله في رواية: وأحب إلي التسليمتان، ولان عائشة وسلمة بن الاكوع وسهل بن سعد قد رووا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم تسليمة واحدة، وكان المهاجرون يسلمون تسليمة واحدة وفيما ذكرناه جمع بين الاخبار وأقوال الصحابة في أن يكون المشروع والمسنون تسليمتين، والواجب واحدة، وقد دل على صحة هذا الاجماع الذي ذكره ابن المنذر، فلا معدل عنه.
وقال النووي: مذهب الشافعي والجمهور من السلف والخلف أن يسن تسليمتان.
وقال مالك وطائفة: إنما يسن تسليمة واحدة، تعلقوا بأحاديث ضعيفة لا تقاوم هذه الأحاديث الصحيحة، ولو ثبت شيء منها حمل على أنه فعل ذلك لبيان جواز الاقتصار على تسليمة واحدة.
وأجمع العلماء الذين يعتد بهم على أنه لا يجب إلا تسليمة واحدة، فإن سلم واحدة استحب له أن يسلمها تلقاء وجهه، وإن سلم تسليمتين جعل الأولى عن يمينه والثانية عن يساره. ويلتفت في كل تسليمة، حتى يرى من عن جانبه خده.
هذا هو الصحيح إلى أن قال: ولو سلم التسليمتين عن يمينه أو عن يساره أو تلقاء وجهه، أو الأولى عن يساره والثانية عن يمينه، صحت صلاته، وحصلت تسليمتان، ولكن فاتته الفضيلة في كيفيتهما.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.سنن الصلاة:
للصلاة سنن، يستحب للمصلي أن يحافظ عليها لينال ثوابها.
نذكرها فيما يلي:
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.1- رفع اليدين:
يستحب أن يرفع يديه في أربع حالات: الأولى، عند تكبيرة الاحرام.
قال ابن المنذر: لم يختلف أهل العلم في أنه صلى الله عليه وسلم، كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة.
وقال الحافظ ابن حجر: إنه روى رفع اليدين في أول الصلاة خمسون صحابيا، منهم العشرة المشهود لهم بالجنة.
وروى البيهقي عن الحاكم قال: لا نعلم سنة اتفق على روايتها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخلفاء الأربعة، ثم العشرة المشهود لهم بالجنة فمن بعدهم من أصحابه، مع تفرقهم في البلاد التاسعة، غير هذه السنة.
قال البيهقي: هو كما قال أستاذنا أبو عبد الله.
صفة الرفع: ورد في صفة رفع اليدين روايات متعددة.
والمختار الذي عليه الجماهير، أنه يرفع يديه حذو منكبيه، بحيث تحاذي أطراف أصابعه أعلى أذنيه، وإبهاماه شحمتي أذكيه، وراحتاه منكبيه.
قال النووي: وبهذا جمع الشافعي بين روايات الأحاديث فاستحسن الناس ذلك منه.
ويستحب أن يمد أصابعه وقت الرفع.
فعن أبي هريرة قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة رفع يديه مدا رواه الخمسة إلا ابن ماجه.
وقت الرفع: ينبغي أن يكون رفع اليدين مقارنا لتكبيرة الاحرام أو متقدما عليها.
فعن نافع: أن ابن عمر رضي الله عنهما كان إذا دخل في الصلاة كبر ورفع يديه، ورفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم رواه البخاري والنسائي وأبو داود.
وعنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يرفع يديه حين يكبر حتى يكونا حذو منكبيه أو قريبا من ذلك.
الحديث رواه أحمد وغيره.
وأما تقدم رفع اليدين على كبيرة الاحرام فقد جاء عن ابن عمر قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة رفع يديه حتى يكونا بحذو منكبيه ثم يكبر، رواه البخاري ومسلم.
وقد جاء في حديث مالك بن الحويرث بلفظ: «كبر ثم رفع يديه» رواه مسلم.
وهذا يقيه تقدم التكبيرة على رفع اليدين، ولكن الحافظ قال: لم أر من قال بتقديم التكبيرة على الرفع.
الثانية والثالثة: ويستحب رفع اليدين عند الركوع والرفع منه.
وقد روى اثنان وعشرون صحابيا: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعله.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة رفع يديه حتى يكونا حذو منكبيه ثم يكبر، فإذا أراد أن يركع رفعهما مثل ذلك، وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك، وقال: سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد» رواه البخاري ومسلم والبيهقي.
وللبخاري: ولا يفعل ذلك حين يسجد ولا حين يرفع رأسه من السجود.
ولمسلم: ولا يفعله حين يرفع رأسه من السجود، وله أيضا: ولاى رفعهما بين السجدتين: وزاد البيهقي: فما زالت تلك صلاته حتى لقي الله تعالى.
قال ابن المدايني: هذا الحديث عندي حجة على الخلق.
كل من سمعه فعليه أن يعمل به، لأنه ليس في إسناده شئ، وقد صنف البخاري في هذه المسألة جزءا مفردا، وحكى فيه عن الحسن وحميد بن هلال: أن الصحابة كانوا يفعلون ذلك، يعني الرفع في الثلاثة المواطن، ولم يستثن الحسن أحدا.
وأما ما ذهب إليه الحنفية، من أن الرفع لا يشرع إلا عند تكبيرة الاحرام استدلالا بحديث ابن مسعود أنه قال: لاصلين لكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى فلم يرفع يديه إلا مرة واحدة، فهو مذهب غير قوي، لأن هذا قد طعن فيه كثير من أئمة الحديث.
قال ابن حبان هذا أحسن خبر.
روى أهل الكوفة في نفي رفع اليدين في الصلاة عند الركوع وعند الرفع منه، وهو في الحقيقة أضعف شيء يعول عليه، لأن له عللا تبطله، وعلى فرض التسليم بصحته، كما صرح بذلك الترمذي، فلا يعارض الأحاديث الصحيحة التي بلغت حد الشهرة.
وجوز صاحب التنقيح أن يكون ابن مسعود نسي الرفع كما نسي غيره.
قال الزيلعي في نصب الراية -نقلا عن صاحب التنقيح-: ليس في نسيان ابن مسعود لذلك ما يستغرب: فقد نسي ابن مسعود من القرآن ما لم يختلف فيه المسلمون بعد، وهما المعوذتان، ونسي ما اتفق العلماء على نسخه، كالتطبيق، ونسي كيف قيام الاثنين خلف الإمام، ونسي ما لا يختلف العلماء فيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الصبح يوم النحر في وقتها ونسي كيفية جمع النبي صلى الله عليه وسلم بعرفة، ونسي ما لم يختلف العلماء فيه من وضع المرفق والساعد على الأرض في السجود، ونسي كيف يقرأ النبي صلى الله عليه وسلم {وما خلق الذكر والأنثى} وإذا جاز على ابن مسعود أن ينسى مثل هذا في الصلاة، كيف لا يجوز أن ينسى مثله في رفع اليدين؟ الرابعة عند القيام إلى الركعة الثالثة: فعن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنه كان إذا قام من الركعتين رفع يديه ورفع ذلك ابن عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم رواه البخاري وأبو داود والنسائي.
وعن علي في وصف صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، أنه كان إذا قام من السجدتين رفع يديه حذو منكبيه وكبر رواه أبو داود وأحمد والترمذي وصححه: والمراد بالسجدتين الركعتان.
مساواة المرأة بالرجل في هذه السنة: قال الشوكاني: واعلم أن هذه السنة يشترك فيها الرجال والنساء، ولم يرد ما يدل على الفرق بينهما فيها، وكذا لم يرد ما يدل على الفرق بين الرجل والمرأة في مقدار الرفع.
==========
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.2- وضع اليمين على الشمال:
يندب وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة.
وقد ورد في ذلك عشرون حديثا، عن ثمانية عشر صحابيا وتابعين عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن سهل ابن سعد قال: كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة، قال أبو حازم: لا أعلم أنه ينمى ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، رواه البخاري وأحمد ومالك في الموطأ.
قال الحافظ: وهذا حكمه الرفع، لأنه محمول على أن الأمر لهم بذلك هو النبي صلى الله عليه وسلم.
وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إنا معشر الانبياء أمرنا بتعجيل فطرنا وتأخير سحورنا، ووضع أيماننا على شمائلنا في الصلاة».
وعن جابر قال: «مر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل وهو يصلي، وقد وضع يده اليسرى على اليمنى فانتزعها، ووضع اليمنى على اليسرى» رواه أحمد وغيره، قاله النووي: إسناده صحيح.
وقال ابن عبد البر: لم يأت فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم خلاف، وهو قول جمهور الصحابة والتابعين وذكره مالك في الموطأ وقال: لم يزل مالك يقبض حتى لقي الله عزوجل.
موضع وضع اليدين: قال الكمال بن الهمام.
ولم يثبت حديث صحيح يوجب العمل في كون الوضع تحت الصدر، وفي كونه تحت السرة، والمعهود عند الحنفية هو كونه تحت السرة وعند الشافعية تحت الصدر.
وعن أحمد قولان كالمذهبين، والتحقيق المساواة بينهما.
وقال الترمذي: أن أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم يرون أن يضع الرجل يمينه على شماله في الصلاة، ورأى بعضهم فوق السرة، ورأى بعضهم أن يضعها تحت السرة، وكل ذلك واقع عندهم. انتهى.
ولكن قد جاءت روايات تفيد أنه صلى الله عليه وسلم، كان يضع يديه على صدره، فعن هلب الطائي قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يضع اليمنى على اليسرى على صدره فوق المفصل، رواه أحمد، وحسنه الترمذي.
وعن وائل بن حجر قال: «صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم فوضع يده اليمنى على يده اليسرى على صدره» رواه ابن خزيمة وصححه ورواه أبو داود والنسائي بلفظ: ثم وضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ والساعد.
أي أنه وضع يده اليمنى على ظهر اليسرى ورصغها وساعدها.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.3- التوجه أو دعاء الاستفتاح:
يندب للمصلي أن يأتي بأي دعاء من الادعية التي كان يدعو بها النبي صلى الله عليه وسلم ويستفتح بها الصلاة، بعد تكبيرة الاحرام وقبل القراءة.
ونحن نذكر بعضها فيما يلي:
1- عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كبر في الصلاة سكت هنيهة قبل القراءة فقلت: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة ما تقول؟ قال: أقول: «اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الابيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد» رواه البخاري ومسلم وأصحاب السنن. إلا الترمذي.
2- وعن علي قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة كبر ثم قال: «وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا مسلما وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أمرت وأنا من المسلمين: اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت، أنت ربي وأنا عبدك، ظلمت نفسي واعترفت بذنبي فاغفر لي ذنوبي جميعا، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، واهدني لاحسن الاخلاق، لا يهدي لاحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت، لبيك وسعديك، والخير كله في يديك، والشر ليس إليك، وأنا بك وإليك تباركت وتعاليت، أستغفرك وأتوب إليك» رواه أحمد ومسلم والترمذي وأبو داود وغيرهم.
3- وعن عمر: أنه كان يقول بعد تكبيرة الاحرام: «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك وتعالى جدك، ولا إله غيرك» رواه مسلم بسند منقطع. والدارقطني موصولا وموقوفا على عمر.
قال ابن القيم: صح عن عمر أنه كان يستفتح به في مقام النبي صلى الله عليه وسلم، ويجهر به ويعلمه الناس، وهو بهذا الوجه في حكم المرفوع، ولذا قال الإمام أحمد: أما أنا فأذهب إلى ما روي عن عمر، ولو أن رجلا استفتح ببعض ما روي كان حسنا.
4- وعن عاصم بن حميد قال: سألت عائشة بأي شيء كان يفتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم قيام الليل؟ فقالت لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد قبلك، كان إذا قام كبر عشرا وحمد الله عشرا، وسبح الله عشرا، وهلل عشرا، واستغفر عشرا وقال: «اللهم اغفر لي واهدني وارزقني وعافني ويتعوذ من ضيق المقام يوم القيامة» رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه.
5- وعن عبد الرحمن بن عوف قال: سألت عائشة، بأي شيء كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يفتتح صلاته إذا قام من الليل؟ قالت: كان إذا قام من الليل يفتتح صلاته: «اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك: إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم» رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.
6- وعن نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في التطوع: «الله أكبر كبيرا، ثلاث مرات، والحمد لله كثيرا، ثلاث مرات، وسبحان الله بكرة وأصيلا، ثلاث مرات. اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم، من همزه ونفثه ونفخه قلت: يا رسول الله ما همزه ونفثه ونفخه؟ قال: أما همزة فالموتة التي تأخذ بني آدم، أما نفخه: الكثير، ونفثه: الشعر» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه وابن حبان مختصرا.
7- وعن ابن عباس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يتهجد قال: «اللهم لك الحمد أنت قيم السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت نور السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت مالك السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد، أنت الحق ووعدك الحق، ولقاؤك حق، وقولك حق، والجنة حق، والنار حق، والنبيون حق ومحمد حق، والساعة حق اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت فاغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت، أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت، ولا إله غيرك، ولا حول ولا قوة إلا بالله» رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه ومالك.
وفي أبي داود عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان في التهجد يقوله بعدما يقول الله أكبر.
8- الاستعاذة: يندب للمصلي بعد دعاء الاستفتاح وقبل القراءة، أن يأتي بالاستعاذة، لقول الله تعالى: {فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم}.
وفي حديث نافع بن جبير المتقدم، أنه صلى الله عليه وسلم قال: «اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم» إلخ.
وقال ابن المنذر: جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه «كان يقول قبل القراءة: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم».
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.4- الإسرار بها:
ويسن الاتيان بها سرا.
قال في المغني: ويسر الاستعاذة ولا يجهر بها، لا أعلم فيه خلافا.
انتهى: لكن الشافعي يرى التخيير بين الجهر بها والاسرار في الصلاة الجهرية، وروي عن أبي هريرة الجهر بها عن طريق ضعيف.
مشروعيتها في الركعة الأولى دون سائر الركعات:
ولا تشرع الاستعاذة إلا في الركعة الأولى.
فعن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نهض في الركعة الثانية، افتتح القراءة بالحمد لله رب العالمين، ولم يسكت رواه مسلم.
قال ابن القيم: اختلف الفقهاء، هل هذا موضع استعاذة أو لا؟ بعد اتفاقهم على أنه ليش موضع استفتاح، وفي ذلك قولان، هما رواية عن أحمد، وقد بناهما بعض أصحابه على أن قراءة الصلاة هل هي قراءة واحدة، فيكفي فيها استعاذة واحدة، أو قراءة كل ركعة مستقلة برأسها؟ ولا نزاع بينهما في أن الاستفتاح لمجموع الصلاة.
والاكتفاء باستعاذة واحدة أظهر للحديث الصحيح، وذكر حديث أبي هريرة ثم قال: وإنما يكفي استفتاح واحد، لأنه لم يتخلل القراءتين سكوت بل تخللهما ذكر، فهي كالقراءة الواحدة إذا تخللها حمد الله، أو تسبيح أو تهليل، أو صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ونحو ذلك.
وقال الشوكاني: الاحوط الاقتصار على ما وردت به السنة وهو الاستعاذة قبل قراءة الركعة الأولى فقط.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.5- التأمين:
يسن لكل مصل، إماما أو مأموما أو منفردا، أن يقول آمين، بعد قراءة الفاتحة، يجهر بها في الصلاة الجهرية، ويسر بها في السرية.
فعن نعيم المجمر قال: صليت وراء أبي هريرة فقال: بسم الله الرحمن الرحيم، ثم قرأ بأم القرآن، حتى إذا بلغ {ولا الضالين} فقال آمين، وقال الناس: آمين.
ثم يقول أبو هريرة بعد السلام: والذي نفسي بيده إني لاشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم، ذكره البخاري تعليقا ورواه النسائي وابن خزيمة وابن حبان وابن السراج.
وفي البخاري قال ابن شهاب: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: آمين.
وقال عطاء، آمين دعاء، أمن ابن الزبير ومن وراء حتى إن للمسجد للجة وقال نافع.
كان ابن عمر لا يدعه ويحضهم، وسمعت منه في ذلك خبرا.
وعن أبي هريرة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تلا: {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} قال: آمين، حتى يسمع من يليه من الصف الأول، رواه أبو داود وابن ماجه وقال: حتى يسمعها أهل الصف الأول فيرتج بها المسجد.
ورواه أيضا الحاكم وقال: صحيح على شرطهما، والبيهقي وقال حسن صحيح.
والدارقطني وقال: إسناده حسن.
وعن وائل بن حجر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} فقال: آمين، يمد بها صوته رواه أحمد وأبو داود، ولفظه، رفع بها صوته.
وحسنه الترمذي وقال: وبه يقول غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم، يرون أن يرفع الرجل صوته بالتأمين ولا يخفيها.
وقال الحافظ: سند هذا الحديث صحيح.
وقال عطاء: أدركت مائتين من الصحابة في هذا المسجد، إذا قال الإمام: ولا الضالين، سمعت لهم رجة آمين.
وعن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما حسدتكم اليهود على شئ، ما حسدتكم على السلام والتأمين خلف الإمام» رواه أحمد وابن ماجه.
استحباب موافقة الإمام فيه:
ويستحب للمأموم أن يوافق الإمام، فلا يسبقه في التأمين ولا يتأخر عنه فعن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قال الإمام: غير المغضوب عليهم ولا الضالين، فقولوا: آمين، فإن من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه» رواه البخاري.
وعنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قال الإمام {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} فقولوا آمين فإن الملائكة يقولون: آمين وإن الإمام يقول: آمين، فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه» رواه أحمد وأبو داود والنسائي.
وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أمن الإمام فأمنوا فإن من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه» رواه الجماعة.
وبيان هذا في الحديث الاخر «أن الإمام يقول آمين» إلى آخر الحديث.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.معنى آمين:
ولفط «آمين» يقصر ألفه ويمد مع تخفيف الميم، وليس من الفاتحة، وإنما دعاه معناه: اللهم استجب.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.6- القراءة بعد الفاتحة:
يسن للمصلي أن يقرا سورة أو شيئا من القرآن بعد قراءة الفاتحة في ركعتي الصبح والجمعة، والأوليين من الظهر والعصر والمغرب والعشاء، وجميع ركعات النفل.
فعن أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الظهر، في الأوليين، بأم الكتاب وسورتين، وفي الركعتين الاخريين، بأم الكتاب، ويسمعنا الآية أحيانا، ويطول في الركعة الأولى ما لا يطول في الثانية. وهكذا في العصر، وهكذا في الصبح. رواه البخاري ومسلم وأبو داود، وزاد: قال: فظننا أنه يريد بذلك أن يدرك الناس الركعة الأولى.
وقال جابر بن سمرة: شكا أهل الكوفة سعدا إلى عمر فعزله، واستعمل عليهم عمارا فشكوا حتى ذكروا أنه لا يحسن يصلي، فأرسل إليه فقال: يا أبا إسحق إن هؤلاء يزعمون أنك تصلي، قال أبو إسحاق: أما أنا والله فإني كنت أصلي بهم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما أخرم عنها: أصلي صلاة العشاء فأركد في الأوليين وأخف في الاخريين قال: ذاك الظن بك يا أبا إسحق، فأرسل معه رجلا أو رجالا إلى الكوفة، فسأل عنه أهل الكوفة، ولم يدع مسجدا إلا سأل عنه، ويثنون معروفا، حتى دخل مسجدا لبني عبس، فقام رجل منهم يقال له أسامة بن قتادة، يكنى أبا سعدة فقال: أما إذا ناشدتنا الله، فإن سعدا كان لا يسير بالسرية، ولا يقسم بالسوية، ولا يعدل في القضية، قال سعد: أما والله لادعون بثلاث: اللهم إن كان عبدك هذا كاذبا قام رياء وسمعة فأطل عمره، وأطل فقره، وعرضه للفتن، وكان بعد يقول: شيخ مفتون أصابتني دعوة سعد.
قال عبد الملك: فإنا رأيته بعد قد سقط حاجباه على عينيه من الكبر، وإنه ليتعرض للجواري في الطريق يغمزهن رواه البخاري وقال أبو هريرة: في كل صلاة يقرأ، فما أسمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أسمعناكم، وما أخفي عنا أخفينا عنكم، وإن لم تزد على أم القرآن أجزأت، وإن زدت فهو خير، رواه البخاري.
==========
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.كيفية القراءة بعد الفاتحة:
والقراءة بعد الفاتحة تجوز على أي نحو من الانحاء.
قال الحسين: «غزونا خراسان ومعنا ثلثمائة من الصحابة فكان الرجل منهم يصلي بنا فيقرأ الايات من السورة ثم يركع».
وعن ابن عباس: أنه قرأ الفاتحة وآية من البقرة في كل ركعة. رواه الدار قطني بإسناد قوي.
وقال البخاري: «باب الجمع بين السورتين في الركعة والقراءة بالخواتيم وبسورة قبل سورة وبأول سورة».
ويذكر عن عبد الله بن السائب: قرأ النبي صلى الله عليه وسلم المؤمنون في الصبح حتى إذا ذكر موسى وهارون، أو ذكر عيسى أخذته سعلة فركع.
وقرأ عمر في الركعة الأولى بمائة وعشرين آية من البقرة، وفي الثانية بسورة من المثاني.
وقرأ الاحنف بالكهف في الأولى، وفي الثانية بيونس أو يوسف، وذكر: أنه صلى مع عمر الصبح بهما، وقرأ ابن مسعود بأربعين آية من الانفال وفي الثانية بسورة من المفصل.
وقال قتادة فيمن قرأ سورة واحدة في ركعتين، أو يردد سورة في ركعتين -: كل كتاب الله.
وقال عبد الله بن ثابت عن أنس: كان رجل من الانصار يؤمهم في مسجد قباء.
وكان كلما افتتح سورة يقرأ بها لهم في الصلاة مما يقرأ به، افتتح ب {قل هو الله أحد} حتى يفرغ منها، ثم يقرأ سورة أخرى معها، وكان يصنع ذلك في كل ركعة.
فكلمه أصحابه فقالوا: إنك تفتتح بهذه السورة ثم لا ترى أنها تجزئك حتى تقرأ بأخرى، فإما أن تقرأ بها وإما أن تدعها وتقرأ بأخرى.
فقال: ما أنا بتاركها. إن أحببتم أن أؤمكم بذلك فعلت وإن كرهتم تركتكم. وكانوا يرون أنه من أفضلهم وكرهوا أن يؤمهم غيره.
فلما أتاهم النبي صلى الله عليه وسلم، أخبروه الخبر فقال: «يا فلان ما يمنعك أن تفعل ما يأمرك به أصحابك، وما يحملك على لزوم هذه السورة في كل ركعة؟ فقال: إني أحبها. فقال: حبك إياها أدخلك الجنة».
وعن رجل من جهينة: أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصبح: {إذا زلزلت الأرض} في الركعتين كلتيهما قال: فلا أدري أنسي رسول الله صلى الله عليه وسلم أم قرأ ذلك عمدا؟ رواه أبو داود، وليس في إسناده مطعن.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في القراءة بعد الفاتحة:
نذكر هنا ما لخصه ابن القيم من قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الفاتحة قال: فإذا فرغ من الفاتحة أخذ في سورة غيرها وكان يطيلها تارة، ويخففها لعارض من سفر أو غيره، ويتوسط فيها غالبا.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.قراءة الفجر:
وكان يقرأ في الفجر بنحو ستين آية إلى مائة آية.
وصلاها بسورة ق، وصلاها بالروم وصلاها ب {إذا الشمس كورت} وصلاها ب {إذا زلزلت} في الركعتين كلتيهما، وصلاها بالمعوذتين وكان في السفر، وصلاها فافتتح بسورة المؤمنون حتى بلغ ذكر موسى وهارون في الركعة الأولى فأخذته سعلة فركع، وكان يصليها يوم الجمعة بألم تنزيل السجدة وسورة {هل أتى على الإنسان} كاملتين، ولم يفعل ما يفعله كثير من الناس اليوم من قراءة بعض هذه وبعض هذه.
وأما ما يظنه كثير من الجهال أن صبح يوم الجمعة فضلت بسجدة، فجهل عظيم، ولهذا كره بعض الائمة قراءة سورة السجدة لأجل هذا الظن.
وإنما كان صلى الله عليه وسلم يقرأ هاتين السورتين، لما اشتملتا عليه من ذكر المبدأ والمعاد، وخلق آدم ودخول الجنة والنار، وغير ذلك، مما كان ويكون في يوم الجمعة.
فكان يقرأ في فجرها، ما كان ويكون في ذلك اليوم، تذكيرا للامة بحوادث هذا اليوم، كما كان يقرأ في المجامع العظام، كالاعياد والجمعة، بسورة {ق} و{اقتربت} و{يسبح} و{الغاشية}.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.القراءة في الظهر:
فكان يطيل قراءتها أحيانا، حتى قال أبو سعيد: كانت صلاة الظهر تقام فيذهب الذاهب إلى البقيع، فيقضي حاجته، ثم يأتي أهله فيتوضأ ويدرك النبي صلى الله عليه وسلم في الركعة الأولى، مما يطيلها، رواه مسلم، وكان يقرأ فيها تارة بقدر الم تنزيل وتارة {سبح اسم ربك الاعلى} {والليل إذا يغشى} وتارة ب {والسماء ذات البروح}، {والسماء والطارق}.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.القراءة في العصر:
وأما العصر فعلى النصف من قراءة صلاة الظهر إذا طالت. وبقدرها إذا قصرت.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.القراءة في المغرب:
وأما المغرب فكان هديه فيها خلاف عمل اليوم، فإنه صلاها مرة بالاعراف في الركعتين ومرة بالطور ومرة بالمرسلات قال أبو عمر ابن عبد البر: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ في المغرب ب {المص} الاعراف وأنه قرأ فيها بالصافات وأنه قرأ فيها بحم الدخان، وأنه قرأ فيها ب {سبح اسم ربك الاعلى} وأنه قرأ فيها ب {والتين والزيتون}، وأنه قرأ فيها بالمعوذتين وأنه قرأ فيها بالمرسلات، وأنه كان يقرأ فيها بقصار المفصل.
وقال: وهي كلها آثار صحاح مشهورة، انتهى كلام ابن عبد البر.
وأما المداومة فيها على قصار المفصل دائما، فهو فعل مروان بن الحكم، ولهذا أنكر عليه زيد بن ثابت وقال مالك تقرا في المغرب بقصار المفصل وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بطولى الطوليين؟ قال قلت: وما طولى الطوليين؟ قال: الاعراف.
وهذا حديث صحيح، رواه أهل السنن.
وذكر النسائي عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في المغرب بسورة الأعراف فرقها في الركعتين.
فالمحافظة فيها على الآية والسورة من قصار المفصل خلاف السنة، وهو فعل مروان بن الحكم.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.القراءة في العشاء:
وأما العشاء الاخرة: فقرأ فيها صلى الله عليه وسلم ب {والتين والزيتون} ووقت لمعاذ فيها ب {والشمس وضحاها} {وسبح اسم ربك الاعلى} {والليل إذا يغشى} ونحوها.
وأنكر عليه قراءته فيها البقرة بعد ما صلى معه، ثم ذهب إلى بني عمرو ابن عوف فأعادها لهم بعد ما مضى من الليل ما شاء الله، وقرأ البقرة ولهذا قال له: «أفتان أنت يا معاذ؟» فتعلق النقادون بهذه الكلمة، ولميلتفتوا إلى ما قبلها ولا إلى ما بعدها.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.القراءة في الجمعة:
وأما الجمعة فكان يقرا فيها بسورة الجمعة والمنافقين أو الغاشية كاملتين وسورة سبح والغاشية.
وأما الاقتصار على قراءة أواخر السورتين من {يأيها الذين آمنوا} إلى آخرها، فلم يفعله قط.
وهو مخالف لهديه الذي كان يحافظ عليه.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.القراءة في العيدين:
وأما القراءة في الاعياد فتارة يقرأ سورة {ق} و{اقتربت} كاملتين وتارة سورة سبح والغاشية وهذا هو الهدي الذي استمر عليه إن أن لقي الله عزوجل، لم ينسخه شئ، ولهذا أخذ به خلفاؤه الراشدون من بعده.
فقرأ أبو بكر رضي الله عنه في الفجر سورة البقرة حتى سلم منها قريبا من طلوع الشمس فقالوا: يا خليفة رسول الله، كادت الشمس تطلع، فقال: لو طلعت لم تجدنا غافلين.
وكان عمر رضي الله عنه يقرأ فيها بيوسف والنحل وهود وبني إسرائيل، ونحوها من السور.
ولو كان تطويله صلى الله عليه وسلم منسوخا لم يخف على خلفائه الراشدين ويطلع عليه النقادون.
وأما الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه عن جابر بن سمرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الفجر {ق والقرآن المجيد} وكانت صلاته بعد تخفيفا فالمراد بقوله بعد: أي بعد الفجر، أي أنه كان يطيل قراءة الفجر أكثر من غيرها وصلاته بعدها تخفيفا.
ويدل على ذلك قول أم الفضل وقد سمعت ابن عباس يقرأ {والمرسلات عرفا} فقالت: يا بني لقد ذكرتني بقراءة هذه السورة، إنها لاخر ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقرأ بها في المغرب، فهذا في آخر الأمر إلى أن قال: وأما قوله صلى الله عليه وسلم، يقرأ بها في المغرب، فهذا في آخر الأمر إلى أن قال: وأما قوله صلى الله عليه وسلم: «أيكم أم بالناس فليخفف» وقول أنس: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أخف الناس صلاة في تمام» فالتخفيف أمر نسي، يرجع إلى ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم وواظب عليه، لا إلى شهوة المأمومين، فإنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يأمرهم بأمر ثم يخالفه وقد علم أن من ورائه الكبير والضعيف وذا الحاجة.
فالذي فعله هو التخفيف الذي أمر به، فأنه كان يمكن أن تكون صلاته أطول من ذلك بأضعاف مضاعفة فهي خفيفة بالنسبة إلى أطول منها.
وهديه الذي واظب عليه، هو الحاكم على كل ما تنازع عليه المتنازعون.
ويدل ما رواه النسائي وغيره عن ابن عمر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بالتخفيف ويؤمنا بالصافات، فالقراءة بالصافات من التخفيف الذي كان يأمر به.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.قراءة سورة بعينها:
وكان صلى الله عليه وسلم لا يعين سورة في الصلاة بعينها، لا يقرأ إلا بها، إلا في الجمعة والعيدين، وأما في سائر الصلوات فقد ذكر أبو داود، في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أنه قال: ما من المفصل سورة صغيرة ولا كبيرة إلا وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤم الناس بها في الصلاة المكتوبة.
وكان من هديه قراءة السور الكاملة، وربما قرأها في الركعتين وربما في أول السورة.
وأما قراءة أواخر السور وأوساطها فلم يحفظ عنه.
وأما قراءة السورتين في الركعة فكان يفعله في النافلة، وأما في الفرض فلم يحفظ عنه، وأما حديث ابن مسعود: إني لاعرف النظائر التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرن بينهن السورتين في الركعة.
الرحمن والنجم في ركعة. واقتربت والحاقة في ركعة، ووالطور والذاريات في ركعة، إذا وقعت ونون في ركعة الحديث.
فهذا حكاية فعل لم يعين محله.
هل كان في الفرض أو في النفل؟ وهو محتمل.
وأما قراءة سورة واحدة في ركعتين معا فقلما كان يفعله.
وقد ذكر أبو داود عن رجل من جهينة: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصبح {إذا زلزلت} في الركعتين كلتيهما قال: فلا أدري. أنسي رسول الله صلى الله عليه وسلم أم قرأ ذلك عمدا.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.إطالة الركعة الأولى في الصبح:
وكان صلى الله عليه وسلم يطيل الركعة الأولى على الثانية من صلاة الصبح، ومن كل صلاة وربما كان يطيلها حتى لا يسمع وقع قدم، وكان يطيل صلاة الصبح أكثر من سائر الصلوات.
وهذا، لأن قرآن الفجر مشهود، يشهده الله تعالى وملائكته.
وقيل: يشهده ملائكة الليل والنهار.
والقولان مبنيان على أن النزول الالهي، هل يدوم إلى انقضاء صلاة الصبح أو إلى طلوع الفجر؟ وقد ورد فيه هذا وهذا.
وأيضا، فإنها لما نقص عدد ركعاتها جعل تطويلها عوضا عما نقصته من العدد، وأيضا فإنها تكون عقيب النوم والناس مستريحون، وأيضا فإنهم لم يأخذوا بعد في استقبال المعاش وأسباب الدنيا، وأيضا فإنها تكون في وقت تواطأ السمع واللسان والقلب، لفراغه وعدم تمكنه من الاشتغال فيه فيفهم القرآن ويتدبره، وأيضا فإنها أساس العمل وأوله، فأعطيت فضلا من الاهتمام بها وتطويلها، وهذه أسرار إنما يعرفها من له التفات إلى أسرار الشريعة ومقاصدها وحكمها.
صفة قراءته صلى الله عليه وسلم:
وكانت قراءته مدا، يقف عند كل آية، ويمد بها صوته.
انتهى كلام ابن القيم.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.ما يستحب أثناء القراءة:
يسن أثناء القراءة، تحسين الصوت وتزيينه: ففي الحديث.
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «زينوا أصواتكم بالقرآن» وقال: «ليس منا من لم يتغن بالقرآن»
وقال: «إن أحسن الناس صوتا بالقرآن الذي إذا سمعتموه وحسبتموه يخشى الله» وقال: «وما أذن الله شيء ما أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن».
قال النووي: يسن لكل من قرأ في الصلاة أو غيرها إذا مر بآية رحمة أن يسأل الله تعالى من فضله، وإذا مر بآية عذاب أن يستعيذ به من النار، أو من العذاب، أو من الشر، أو من المكروه، أو يقول: اللهم إني أسألك العافية، أو نحو ذلك، وإذا مر بآية تنزيه لله سبحانه وتعالى نزه الله فقال: سبحانه وتعالى، أو تبارك الله رب العالمين؟ أو جلت عظمة ربنا، أو نحو ذلك.
وروينا عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: «صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فافتتح البقرة» فقلت: يركع عند المائة، ثم مضى، فقلت: يصلي بها في ركعة فمضى فقلت يركع بها، ثم افتتح آل عمران فقرأها ثم افتتح النساء فقرأها، يقرأ مترسلا، إذا مر بآية تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ، رواه مسلم.
قال أصحابنا: يستحب هذا، والتسبيح السؤال والاستعاذة للقارئ في الصلاة وغيرها، وللامام والمأموم والمنفرد، لأنه دعاء، فاستووا فيه، كالتأمين، ويستحب لكل من قرأ {أليس الله بأحكم الحاكمين} أن يقول: بلى وأنا على ذلك من الشاهدين، وإذا قرأ {أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى} قال: بلى أشهد، وإذا قرأ {فبأي حديث بعده يؤمنون} قال آمنت بالله.
وإذا قال {سبح اسم ربك الاعلى} قال: سبحان ربي الاعلى، ويقول هذا في الصلاة وغيرها.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.مواضع الجهر والإسرار بالقراءة:
والسنة أن يجهر المصلي في ركعتي الصبح والجمعة، والأوليين من المغرب والعشاء، والعيدين والكسوف والاستسقاء، ويسر في الظهر والعصر، وثالثة المغرب والاخريين من العشاء.
وأما بقية النوافل، فالنهارية لا جهر فيها، والليلية يخير فيها بين الجهر والاسرار. والافضل التوسط.
مر رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة بأبي بكر وهو يصلي، يخفض صوته، ومر بعمر وهو يصلي رافعا صوته، فلما اجتمعا عنده قال: «يا أبا بكر مررت بك وأنت تصلي تخفض صوتك؟» فقال: يا رسول الله قد أسمعت من ناجيت، وقال لعمر: «مررت بك وأنت تصلي رافعا صوتك» فقال: يا رسول الله، أوقظ الوسنان وأطرد الشيطان.
فقال صلى الله عليه وسلم: «يا أبا بكر ارفع من صوتك شيئا» وقال لعمر: «اخفض من صوتك شيئا» رواه أحمد وأبو داود.
وإن نسي فأسر في موضع الجهر، أو جهر في موضع الاسرار فلاشئ عليه، وإن تذكر أثناء قراءته بنى عليها.
=========
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.القراءة خلف الإمام:
الاصل أن الصلاة لا تصح إلا بقراءة سورة الفاتحة، في كل ركعة من ركعات الفرض والنفل كما تقدم في فرائض الصلاة إلا أن المأموم تسقط عنه القراءة ويجب عليه الاستماع والانصات في الصلاة الجهرية، لقول الله تعالى: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون}.
ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا كبر الإمام فكبروا وإذا قرأ فأنصتوا» صححه مسلم وعلى هذا يحمل حديث «من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة»: أي إن قراءة الإمام له قراءة في الصلاة الجهرية، وأما الصلاة السرية فالقراءة فيها على المأموم وكذا تجب عليه القراءة في الصلاة الجهرية، إذا كان بحيث لا يتمكن من الاستماع للامام.
قال أبو بكر بن العربي: والذي نرجحه وجوب القراءة في الاسرار. لعموم الاخبار، أما الجهر فلا سبيل إلى القراءة فيه لثلاثة أوجه: أحدها: أنه عمل أهل المدينة، الثاني أنه حكم القرآن قال الله تعالى: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} وقد عضدته السنة بحديثين.
أحدهما حديث عمران بن حصين «قد علمت أن بعضكم خالجنيها».
الثاني: قوله: «وإذا قرأ فأنصتوا».
الثالث: الترجيح، إن القراءة مع الإمام لا سبيل إليها، فمتى يقرأ؟ فإن قيل يقرأ في سكتة الإمام قلنا.
السكوت لا يلزم الإمام، فكيف يركب فرض على ما ليس بفرض؟ لا سيما وقد وجدنا وجها للقراءة مع الجهر، وهي قراءة القلب بالتدبر والتفكر، وهذا نظام القرآن والحديث وحفظ العبادة. ومراعاة السنة، وعمل بالترجيح انتهى.
وهذا اختيار الزهري وابن المبارك، وقول لمالك وأحمد وإسحاق، ونصره ورجحه ابن تيمية.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.7- تكبيرات الانتقال:
يكبر في كل رفع وخفض وقيام وقعود، إلا في الرفع من الركوع فإنه يقول: سمع الله لمن حمده، فعن ابن مسعود قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يكبر في كل خفض ورفع وقيام وقعود رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه.
ثم قال والعمل عليه عند أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم، ومن بعدهم من التابعين، وعليه عامة الفقهاء والعلماء، انتهى، فعن أبي بكر بن عبد الرحمن ابن الحارث أنه سمع أبا هريرة يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا قام إلى الصلاة يكبر حين يقوم.
ثم يكبر حين يركع ثم يقول: سمع الله لمن حمده، حين يرفع صلبه من الركعة، ثم يقول وهو قائم: ربنا لك الحمد، قبل أن يسجد، ثم يقول: الله أكبر حين يهوي ساجدا، ثم يكبر حين يرفع رأسه، ثم يكبر حين يقوم من الجلوس في اثنتين، ثم يفعل ذلك في كل ركعة حتى يفرغ من الصلاة، قال أبو هريرة: كانت هذه صلاته حتى فارق الدنيا رواه أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود.
وعن عكرمة قال قلت لابن عباس: صليت الظهر بالبطحاء خلف شيخ أحمق، فكبر اثنتين وعشرين تكبيرة، يكبر إذا سجد، وإذا رفع رأسه.
فقال ابن عباس: تلك صلاة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم رواه أحمد والبخاري.
ويستحب أن يكون ابتداء التكبير حين يشرع في الانتقال.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.8- هيئات الركوع:
الواجب في الركوع مجرد الانحناء، بحيث تصل اليدان إلى الركبتين، ولكن السنة فيه تسوية الرأس بالعجز، والاعتماد باليدين على الركبتين مع مجافاتهما على الجنبين، وتفريج الاصابع على الركبة والساق، وبسط الظهر.
فعن عقبة بن عامر «إنه ركع فجافى يديه، ووضع يديه على ركبتيه، وفرج بين أصابعه من وراء ركبتيه وقال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي» رواه أحمد وأبو داود والنسائي.
وعن أبي حميد: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا ركع اعتدل، ولم يصوب رأسه ولم يقنعه، ووضع يديه على ركبتيه كأنه قابض عليهما، رواه النسائي.
وعند مسلم عن عائشة رضي الله عنها: كان إذا ركع لم يشخص رأسه ولم يصوبه. ولكن بين ذلك.
وعن علي رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ركع، لو وضع قدح من ماء على ظهره لم يهرق رواه أحمد وأبو داود في مراسيله وعن مصعب بن سعد قال: صليت إلى جانب أبي، فطبقت بين كفي ثم وضعتهما بين فخذي.
فنهاني عن ذلك وقال: كنا نفعل هذا، فأمرنا أن نضع أيدينا على الركب. رواه الجماعة.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.9- الذكر فيه:
يستحب الذكر في الركوع بلفظ «سبحان ربي العظيم».
فعن عقبة بن عامر قال: لما نزلت {فسبح باسم ربك العظيم} قال لنا النبي صلى الله عليه وسلم «اجعلوها في ركوعكم» رواه أحمد وأبو داود وغيرهما بإسناد جيد.
وعن حذيفة قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يقول في ركوعه: «سبحان ربي العظيم» رواه مسلم وأصحاب السنن.
وأما لفظ «سبحان ربي العظيم وبحمده» فقد جاء من عدة طرق كلها ضعيفة.
قال الشوكاني: ولكن هذه الطرق تتعاضد، ويصح أن يقتصر المصلي على التسبيح، أو يضيف إليه أحد الاذكار الاتية:
1- عن علي رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا ركع قال: «اللهم لك ركعت، وبك آمنت، ولك أسلمت، وأنت ربي خشع سمعي وبصري ومخي وعظمي وعصبي وما استقلت به قدمي لله رب العالمين» رواه أحمد ومسلم وأبو داود وغيرهم.
2- عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في ركوعه وسجوده: «سبوح قدوس رب الملائكة والروح».
3- وعن عوف بن مالك الاشجعي قال: قمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة، فقام فقرأ سورة البقرة إلى أن قال فكان يقول في ركوعه: «وسبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة» رواه أبو داود والترمذي والنسائي.
وعن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي» يتأول القرآن رواه أحمد والبخاري ومسلم وغيرهم.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.10- أذكار الرفع من الركوع والاعتدال:
يستحب للمصلي - إماما أو مأموما أو منفردا - أن يقول عند الرفع من الركوع: سمع الله لمن حمده، فإذا استوى قائما فليقل: ربنا ولك الحمد، أو: اللهم ربنا ولك الحمد، فعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: سمع الله لمن حمده، حين يرفع صلبه من الركعة، ثم يقول وهو قائم: ربنا ولك الحمد، رواه أحمد والشيخان.
وفي البخاري من حديث أنس: وإذا قال: سمع الله لمن حمده. فقولوا: اللهم ربنا ولك الحمد.
يرى بعض العلماء أن المأموم لا يقول «سمع الله لمن حمده» بل إذا سمعها من الإمام يقول: اللهم ربنا ولك الحمد. لهذا الحديث.
ولحديث أبي هريرة عند أحمد وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده فقولوا اللهم ربنا ولك الحمد، فإن من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه» ولكن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صلوا كما رأيتموني أصلي» يقتضي أن يجمع كل مصل بين التسبيح والتحميد، وإن كان مأموما ويجاب عما استدل به القائلون «بأن المأموم لا يجمع بينهما» بل يأتي بالتحميد فقط، بما ذكره النووي قال: قال أصحابنا، فمعناه قولوا: «ربنا لك الحمد» مع ما قد علمتموه من قول سمع الله لمن حمده، وإنما خص هذا بالذكر، لأنهم كانوا يسمعون جهر النبي صلى الله عليه وسلم «سمع الله لمن حمده» فإن السنة فيه الجهر ولا يسمعون قوله: ربنا لك الحمد، لأنه يأتي به سرا.
وكانوا يعلمون قوله صلى الله عليه وسلم: «صلوا كما رأيتموني أصلي» مع قاعدة التأسي به صلى الله عليه وسلم مطلقا، وكانوا يوافقون في «سمع الله لمن حمده» فلم يحتج إلى الأمر به، ولا يعرفون «ربنا لك الحمد» فأمروا به.
هذا أقل ما يقتصر عليه في التحميد حين الاعتدال ويستحب الزيادة على ذلك بما جاء في الأحاديث الاتية:
1- عن رفاعة بن رافع قال: كنا نصلي يوما وراء النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه من الركعة وقال: سمع الله لمن حمده، قال رجل وراءه: «ربنا لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه» فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من المتكلم آنفا»؟ قال الرجل: أنا يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لقد رأيت بضعة وثلاثين ملكا يبتدرونها، أيهم يكتبها أولا» رواه أحمد والبخاري ومالك وأبو داود.
2- وعن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع من الركعة قال: «سمع الله لمن حمده وربنا ولك الحمد ملء السموات والأرض وما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعد» رواه أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي.
3- وعن عبد الله بن أبي أوفى عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: وفي لفظ: يدعو، إذا رفع رأسه من الركوع: «اللهم لك الحمد ملء السماء وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد: اللهم طهرني بالثلج والبرد والماء البارد، اللهم طهرني من الذنوب ونقني منها كما ينقى الثوب الابيض من الوسخ» رواه أحمد ومسلم وأبو داود وابن ماجه.
ومعنى الدعاء: طلب الطهارة الكاملة.
4- وعن أبي سعيد الخدري قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال: «سمع الله لمن حمده» قال: «اللهم ربنا لك الحمد ملء السموات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد أهل الثناء والمجد أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد: لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد» رواه مسلم وأحمد وأبو داود.
5- وصح عنه صلى الله عليه وسلم: أنه كان يقول بعد «سمع الله لمن حمده» «لربى الحمد، لربي الحمد» حتى يكون اعتداله قدر ركوعه.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.11- كيفية الهوي إلى السجود والرفع منه:
ذهب الجمهور إلى استحباب وضع الركبتين قبل اليدين، حكاه ابن المنذر عن عمر النخعي ومسلم بن يسار وسفيان الثوري وأحمد وإسحاق وأصحاب الرأي قال: وبه أقول، انتهى.
وحكاه أبو الطيب عن عامة الفقهاء.
وقال ابن القيم: وكان صلى الله عليه وسلم يضع ركبتيه قبل يديه ثم يديه بعدهما ثم جبهته وأنفه هذا هو الصحيح الذي رواه شريك عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه، وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه ولم يرو في فعله ما يخالف ذلك، انتهى.
وذهب مالك والاوزاعي وابن حزم إلى استحباب وضع اليدين قبل الركبتين، وهو رواية عن أحمد.
قال الاوزاعي: أدركت الناس يضعون أيديهم قبل ركبهم.
وقال ابن أبي داود: وهو قول أصحاب الحديث.
وأما كيفية الرفع من السجود حين القيام إلى الركعة الثانية، فهو على الخلاف أيضا، فالمستحب عند الجمهور أن يرفع يديه ثم ركبتيه، وعند غيرهم يبدأ برفع ركبتيه قبل يديه.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.12- هيئة السجود:
يستحب للساجد أن يراعي في سجوده ما يأتي:
1- تمكين أنفه وجبهته ويديه على الأرض، مع مجافاتهما عن جنبيه، فعن وائل بن حجر: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سجد وضع جبهته بين كفيه وجافى عن إبطيه. رواه أبو داود.
وعن أبي حميد: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد أمكن أنفه وجبهته من الأرض، ونحى يديه عن جنبيه، ووضع كفيهحذو منكبيه، رواه ابن خزيمة والترمذي وقال: حسن صحيح.
2- وضع الكفين حذو الاذنين أو حذو المنكبين، وقد ورد هذا وذاك، وجمع بعض العلماء بين الروايتين، بأن يجعل طرفي الابهامين حذو الاذنين، وراحتيه حذو منكبيه.
3- أن يبسط أصابعه مضمومة، فعند الحاكم وابن حبان: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا ركع فرج بين أصابعه.
وإذا سجد ضم أصابعه.
4- أن يستقبل بأطراف أصابعه القبلة فعند البخاري من حديث أبي حميد: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد وضع يديه غير مفترشهما ولا قابضهما، واستقبل بأطراف أصابع رجليه القبلة.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.13- مقدار السجود وأذكاره:
يستحب أن يقول الساجد حين سجوده: «سبحان ربي الاعلى».
فعن عقبة بن عامر قال: لما نزلت {سبح اسم ربك الاعلى} قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اجعلوها في سجودكم» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والحاكم، وسنده جيد.
وعن حذيفة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في سجوده: «سبحان ربي الاعلى» رواه أحمد ومسلم وأصحاب السنن.
وقال الترمذي: حسن صحيح.
وينبغي أن لا ينقص التسبيح في الركوع والسجود عن ثلاث تسبيحات.
قال الترمذي: والعمل على هذا عند أهل العلم، يستحبون أن لا ينقص الرجل في الركوع والسجود عن ثلاث تسبيحات، انتهى.
وأما أدنى ما يجزئ فالجمهور على أن أقل ما يجزئ في الركوع والسجود قدر تسبيحة واحدة.
وقد تقدم أن الطمأنينة هي الفرض وهي مقدرة بمقدار تسبيحة.
وأما كمال التسبيح فقدره بعض العلماء بعشر تسبيحات لحديث سعيد بن جبير عن أنس قال: «ما رأيت أحدا أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الغلام، يعني عمر بن عبد العزيز فحزرنا في الركوع عشر تسبيحات وفي السجود عشر تسبيحات» رواه أحمد وأبو داود والنسائي بإسناد جيد.
قال الشوكاني: قيل: فيه حجة لمن قال: إن كمال التسبيح عشر تسبيحات. والاصح أن المفرد يزيد في التسبيح ما أراد وكلما زاد كان أولى.
والأحاديث الصحيحة في تطويله صلى الله عليه وسلم ناطقة بهذا. وكذا الإمام إذا كان المؤتمون لا يتأذون بالتطويل. انتهى.
وقال ابن عبد البر: ينبغي لكل إمام أن يخفف، لامره صلى الله عليه وسلم، وإن علم قوة من خلفه، فإنه لا يدري ما يحدث لهم من حادث، وشغل عارض وحاجة وحدث وغير ذلك.
وقال ابن المبارك: استحب للامام أن يسبح خمس تسبيحات، لكي يدرك من خلفه ثلاث تسبيحات.
والمستحب ألا يقتصر المصلي على التسبيح، بل يزيد عليه ما شاء من الدعاء.
ففي الحديث الصحيح: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أقرب ما يكون أحدكم من ربه وهو ساجد، فأكثروا فيه من الدعاء»، وقال: «ألا إني نهيت أن أقرأ راكعا أو ساجدا فأما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم» رواه أحمد ومسلم.
وقد جاءت أحاديث كثيرة في ذلك نذكرها فيما يلي:
1- عن علي رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد يقول: «اللهم لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، سجد وجهي للذي خلقه فصوره فأحسن صوره، فشق سمعه وبصره: فتبارك الله أحسن الخالقين» رواه أحمد ومسلم.
2- وعن ابن عباس رضي الله عنهما يصف صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التهجد قال: ثم خرج إلى الصلاة فصلى وجعل يقول في صلاته أو في سجوده: «اللهم اجعل في قلبي نورا، وفي سمعي نورا، وفي بصري نورا، وعن يميني نورا، وعن يساري نورا، وأمامي نورا، وخلفي نورا، وفوقي نورا، وتحتي نورا، واجعلني نورا، قال شعبة: أو قال: اجعل لي نورا» رواه مسلم وأحمد وغيرهما، وقال النووي: قال العلماء:
سأل النور في جميع أعضائه وجهاته، والمراد بيان الحق والهداية إليه. فسأل النور في جميع أعضائه وجسمه، وتصرفاته وتقلباته وحالته وجملته، في جهاته الست. حتى لا يزيغ شيء منها عنه.
3- وعن عائشة: أنها فقدت النبي صلى الله عليه وسلم من مضجعه فلمسته بيدها، فوقعت عليه وهو ساجد، وهو يقول: «رب أعط نفسي تقواها، وزكها، أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها» رواه أحمد.
4- وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في سجوده «اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله وأوله وآخره، وعلانيته وسره» رواه مسلم وأبو داود والحاكم.
5- وعن عائشة قالت: فقدت النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فلمسته في المسجد، فإذا هو ساجد وقدماه منصوبتان، وهو يقول: «اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك» رواه مسلم وأصحاب السنن.
6- وعنها أنها فقدته صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فظنت أنه ذهب إلى بعض نسائه، فتحسسته فإذا هو راكع أو ساجد يقول: «سبحانك اللهم وبحمدك، لا إله إلا أنت» فقالت: «بأبي أنت وأمي، إني لفي شأن وإنك لفي شأن آخر» رواه أحمد ومسلم والنسائي.
7- وكان صلى الله عليه وسلم يقول وهو ساجد: «اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي، وإسرافي في أمري، وما أنت أعلم به مني. اللهم اغفر لي جدي وهزلي، وخطئي، وعمدي، وكل ذلك عندي. اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت. أنت إلهي لا إله إلا أنت».
=========
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.14- صفة الجلوس بين السجدتين:
السنة في الجلوس بين السجدتين، أن يجلس مفترشا. وهو أن يثني رجله اليسرى فيبسطها ويجلس عليها، وينصب رجله اليمنى، جاعلا أطراف أصابعها إلى القبلة.
فعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفرش رجله اليسرى وينصب اليمنى رواه البخاري ومسلم.
وعن ابن عمر: من سنة الصلاة أن ينصب القدم اليمنى واستقباله بأصابعها القبلة، والجلوس على اليسرى، رواه النسائي.
وقال نافع: كان ابن عمر إذا صلى استقبل القبلة بكل شيء حتى بنعليه، رواه الاثرم.
وفي حديث أبي حميد في صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثم ثنى رجله اليسرى وقعد علهيا، ثم اعتدل حتى رجع كل عظم موضعه، ثم هوى ساجدا. رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه.
وقد ورد أيضا استحباب الافعاء، وهو أن يفرش قدميه ويجلس على عقبيه.
قال أبو عبيدة: هذا قول أهل الحديث.
فعن أبي الزبير أنه سمع طاووسا يقول: قلنا لابن عباس في الاقعاء على القدمين.
فقال: هي السنة، قال: فقلنا: إنا لنراه جفاء بالرجل.
فقال: هي سنة نبيك صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنه كان إذا رفع رأسه من السجدة الأولى يقعد على أطراف أصابعه، ويقول: إنه من السنة.
وعن طاووس قال: رأيت العبادلة يعني عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير يقعون رواهما البيهقي: قال الحافظ: صحيحة الاسناد وأما الاقعاء - بمعنى وضع الاليتين على الأرض ونصب الفخذين - فهذا مكروه، باتفاق العلماء.
فعن أبي هريرة قال: «نهاني النبي صلى الله عليه وسلم عن ثلاثة: عن نقرة كنقرة الديك، وإقعاء كاقعاء الكلب، والتفات كالتفات الثعلب»، رواه أحمد والبيهقي والطبراني وأبو يعلى. وسنده حسن، ويستحب للجالس بين السجدتين أن يضع يده اليمنى على فخذه اليمنى ويده اليسرى على فخذه اليسرى، بحيث تكون الاصابع مبسوطة موجهة جهة القبلة، مفرجة قليلا، منتهية إلى الركبتين.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.الدعاء بين السجدتين:
يستحب الدعاء في السجدتين بأحد الدعاءين الاتيين ويكرر إذا شاء.
روى النسائي وابن ماجه عن حذيفة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول بين السجدتين: «رب اغفر لي» وروى أبو داود عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول بين السجدتين «اللهم اغفر لي وارحمني وعافني واهدني وارزقني».
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.15- جلسة الاستراحة:
هي جلسة خفيفة يجلسها المصلي بعد الفراغ من السجدة الثانية من الركعة الأولى، قبل النهوض إلى الركعة الثانية، وبعد الفراغ من السجدة الثانية، من الركعة الثالثة، قبل النهوض إلى الركعة الرابعة.
وقد اختلف العلماء في ذلك حكمها، تبعا لاختلاف الأحاديث.
ونحن نورد ما لخصه ابن القيم في ذلك قال: واختلف الفقهاء فيها، هل هي من سنن الصلاة، فيستحب لكل أحد أن يفعلها، أو ليست من السنن، وإنما يفعلها من احتاج إليها؟ على قولين، هما روايتان عن أحمد رحمه الله قال الخلال: رجع أحمد إلى حديث مالك ابن الحويرث في جلسة الاستراحة وقال: أخبرني يوسف بن موسى: أن أبا أمامة سئل عن النهوض فقال: على صدور القدمين، على حديث رفاعة.
وفي حديث ابن عجلان ما يدل على أنه كان ينهض على صدور قدميه، وقد روى عدة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وسائر من وصف صلاته صلى الله عليه وسلم، لم يذكر هذه الجلسة وإنما ذكرت في حديث أبي حميد ومالك بن الحويرث.
ولو كان هديه صلى الله عليه وسلم فعلها دائما، لذكرها كل واصف لصلاته صلى الله عليه وسلم، ومجرد فعله دائما، لذكرها كل واصف لصلاته صلى الله عليه وسلم، ومجرد فعله صلى الله عليه وسلم لها لا يدل على أنها من سنن الصلاة، إلا إذا علم أنه فعلها سنة فيقتدى به فيها وأما إذا قدر أنه فعلها للحاجة: لم يدل على كونها سنة من سنن الصلاة.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.16- صفة الجلوس للتشهد:
ينبغي في الجلوس للتشهد مراعاة السنن الاتية:
أ-: أن يضع يدبه على الصفة المبينة في الأحاديث الاتية:
1- عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قعد للتشهد وضع يده اليسرى على ركبته اليسرى، واليمنى على اليمنى وعقد ثلاثا وخمسين وأشار بأصبعه السبابة.
وفي رواية: وقبض أصابعه كلها.وأشار بالتي تلي الابهام رواه مسلم.
2- وعن وائل بن حجر: أن النبي صلى الله عليه وسلم وضع كفه اليسى على فخذه، وركبته اليسرى، وجعل حد مرفقه الايمن على فخذه الايمن، ثم قبض بين أصابعه فحلق حلقة.
وفي رواية: حلق بالوسطى والابهام وأشار بالسبابة، ثم رفع أصبعه فرأيته يحركها يدعو بها، رواه أحمد، قال البيهقي: يحتمل أن يكون المراد بالتحريك الاشارة بها. لا تكرير تحريكها، ليكون موافقا لرواية ابن الزبير: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشير بإصبعه إذا دعا لا يحركها رواه أبو داود بإسناد صحيح. ذكره النووي.
3- وعن الزبير رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس في التشهد، وضع يده اليمنى على فخذه اليمنى، ويده اليسرى على فخذه اليسرى، وأشار بالسبابة، ولم يجاوز بصره إشارته» رواه أحمد ومسلم والنسائي.
ففي هذا الحديث الاكتفاء بوضع اليمنى على الفخذ بدون قبض.
والاشارة بسبابة اليد اليمنى، وفيه: أنه من السنة أن لا يجاوز بصر المصلي إشارته.
فهذه كيفيات ثلاث صحيحة، والعمل بأي كيفية جائز.
ب-: أن يشير بسبابته اليمنى مع انحنائها قليلا حتى يسلم.
فعن نمير الخزاعي قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قاعد في الصلاة قد وضع ذراعه اليمنى على فخذه اليمنى، رافعا إصبعه السبابة، وقد حناها شيئا وهو يدعو رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه وابن خزيمة بإسناد جيد: وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بسعد وهو يدعو بأصبعين فقال: «أحد يا سعد» رواه أحمد وأبو داود والنسائي والحاكم.
وقد سئل ابن عباس عن الرجل يدعو يشير بإصبعه؟ فقال: هو الاخلاص.
وقال أنس بن مالك: ذلك التضرع، وقال مجاهد: مقمعة للشيطان.
ورأى الشافعية أن يشير بالاصبع مرة واحدة عند قوله «إلا الله» من الشهادة، وعند الحنفية يرفع سبابته عند النفي.
ويضعها عند الاثبات، وعند المالكية، يحركها يمينا وشمالا إلى أن يفرغ من الصلاة، ومذهب الحنابلة يشير بإصبعه كلما ذكر اسم الجلالة، إشارة إلى التوحيد، لا يحركها.
ج- أن يفترش في التشهد الأول ويتورك في التشهد الاخير.
ففي حديث أبي حميد في صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فإذا جلس في الركعتين جلس على رجله اليسرى ونصب اليمنى، فإذا جلس في الركعة الاخيرة قدم رجله اليسرى ونصب الاخرى وقعد على مقعدته» رواه البخاري.
والتورك أن ينصب رجله اليمنى مواجها أصبعه الى القبلة، ويثني رجله اليسرى تحتها ويجلس بمقعدته على الأرض «فإذا جلس في الركعتين»: أي للتشهد الأول.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.17- التشهد الأول:
يرى جمهور العلماء، أن التشهد الأول سنة، لحديث عبد الله ابن بحينة أن النبي صلى الله عليه وسلم قام في صلاة الظهر وعليه جلوس، فلما أتم صلاته سجد سجدتين، يكبر في كل سجدة وهو جالس، قبل أن يسلم، وسجدهما الناس معه، فكان ما نسي من الجلوس، رواه الجماعة.
وفي سبل السلام الحديث دليل على أن ترك التشهد الأول سهوا يجبره سجود السهو.
وقوله صلى الله عليه وسلم: «صلوا كما رأيتموني أصلي» يدل على وجوب التشهد الأول، وجبرانه عند تركه، دل على أنه وإن كان واجبا فإنه يجبره سجود السهو، والاستدلال على عدم وجوبه بذلك لا يتم حتى يقوم الدليل على أن كل واجب لا يجزئ عنه سجود السهو إن ترك سهوا.
وقال الحافظ في الفتح: قال ابن بطال: والدليل على أن سجود السهو لا ينوب عن الواجب، إنه لو نسي تكبيرة الاحرام لم تجبر، فكذلك التشهد، ولأنه ذكر لا يجهر فيه بحال فلم يجب، كدعاء الاستفتاح، واحتج غيره بتقريره صلى الله عليه وسلم الناس على متابعته، بعد أن علم أنهم تعمدوا تركه، وفيه نظر.
وممن قال بوجوبه، الليث بن سعد، وإسحاق وأحمد في المشهور، وهو قول الشافعي، وفي رواية عند الحنفية.
واحتج الطبراني لوجوبه، بأن الصلاة فرضت أولا ركعتين، وكان التشهد فيها واجبا، فلما زيدت لم تكن الزيادة مزيلة لذلك الوجوب.
استحباب التخفيف فيه: ويستحب الخفيف فيه.
فعن ابن مسعود قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا جلس في الركعتين الأوليين كأنه على الرضف رواه أحمد وأصحاب السنن: وقال الترمذي: حسن إلا أن عبيدة لم يسمع من أبيه.
قال الترمذي: والعمل على هذا عند أهل العلم يختارون أن لا يطيل الرجل في القعود في الركعتين، لا يزيد على التشهد شيئا.
وقال ابن القيم: لم ينقل أنه صلى الله عليه وسلم صلى عليه وعلى آله في التشهد الأول، ولا كان يستعيذ فيه من عذاب القبر وعذاب النار وفتنة المحيا وفتنة الممات وفتنة المسيح الدجال، ومن استحب ذلك فإنما فهمه من عمومات وإطلاقات، قد صح تبيين موضعها وتقييدها بالتشهد الاخير.
جمع رضفة: وهي الحجارة المحماة، وهو كناية عن تخفيف الجلوس.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.18- الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم:
يستحب للمصلي أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الاخير، بإحدي الصيغ التالية:
1- عن أبي مسعود البدري قال: قال بشير بن سعد: يا رسول الله أمرنا الله أن نصلي عليك فكيف نصلي عليك؟ فسكت ثم قال: «قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم. وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد، والسلام كما علمتم» رواه مسلم وأحمد.
2- وعن كعب بن عجزة قال: قلنا: يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك؟ قال: «فقولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد: اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد» رواه الجماعة.
وإنما كانت الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مندوبة وليست بواجبة، لما رواه الترمذي وصححه، وأحمد وأبو داود عن فضالة بن عبيد قال: سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يدعو في صلاته، فلم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم «وعجل هذا»، ثم دعاه فقال له أو لغيره: «إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد الله والثناء عليه ثم ليصل على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ليدع بما شاء الله» قال صاحب المنتقى: وفيه حجة لمن لا يرى الصلاة عليه فرضا، حيث لم يأمر تاركها بالاعادة ويعضده قوله في خبر ابن مسعود بعد ذكر التشهد: «ثم يتخير من المسألة ما شاء» وقال الشوكاني: لم يثبت عندي ما يدل للقائلين بالوجوب.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.19- الدعاء بعد التشهد الأخير وقبل السلام:
يستحب الدعاء بعد التشهد وقبل السلام بما شاء من خيري الدنيا والاخرة.
فعن عبد الله بن مسعود: أن النبي صلى الله عليه وسلم، علمهم التشهد ثم قال في آخره: «ثم لتختر من المسألة ما تشاء» رواه مسلم.
والدعاء مستحب مطلقا، سواء كان مأثورا أو غير مأثور إلا أن الدعاء بالمأثور أفضل.
ونحن نورد بعض ما ورد في ذلك.
1- عن أبي هريرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير فليتعوذ بالله من أربع، يقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر فتنة المسيح الدجال» رواه مسلم.
2- وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو في الصلاة: «اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات: اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم» متفق عليه.
3- وعن علي رضي الله عنه قال، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة، يكون آخر ما يقول بين التشهد والتسليم: «اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أسرفت وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر: لا إله إلا أنت» رواه مسلم.
4- وعن عبد الله بن عمرو: «أن أبا بكر قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: علمني دعاء أدعو به في صلاتي؟ قال: قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم» متفق عليه.
5- وعن حنظلة بن علي: أن محجن بن الادرع حدثه قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد فإذا هو برجل قد قضى صلاته وهو يتشهد ويقول: اللهم إني أسألك يا الله الواحد الاحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، أن تغفر لي ذنوبي إنك أنت الغفور الرحيم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «قد غفر» ثلاثا. رواه أحمد وأبو داود.
6- وعن شداد بن أوس قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في صلاته: اللهم إني أسألك الثبات في الأمر، والعزيمة على الرشد، وأسألك شكر نعمتك، وحسن عبادتك، وأسألك قلبا سليما. ولسانا صادقا، وأسألك من خير ما تعلم، وأعوذ بك من شر ما تعلم، وأستغفرك لما تعلم» رواه النسائي.
7- وعن أبي مجلز قال: صلى بنا عمار بن ياسر رضي الله عنهما صلاة فأوجز فيها، فأنكروا ذلك فقال: «ألم أتم الركوع والسجود؟...قالوا: بلى. قال: أما إني دعوت فيها بدعاء كان رسول اله صلى الله عليه وسلم يدعو به: اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي، أسألك خشيتك في الغيب والشهادة وكلمة الحق في الغضب والرضا، والقصد في الفقر والغني، ولذة النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك، وأعوذ بك من ضراء مضرة، ومن فتنة مضلة، اللهم زينا بزينة الايمان، واجعلنا هداة مهديين» رواه أحمد والنسائي بإسناد جيد.
8- وعن أبي صالح عن رجل من الصحابة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل: «كيف تقول في الصلاة؟» قال: أتشهد، ثم أقول: اللهم إني أسألك الجنة وأعوذ بك من النار، أما إني لا أحسن دندنتك ولا دندنة معاذ. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «حولها ندندن». رواه أحمد وأبو داود.
9- وعن ابن مسعود: أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه أن يقول هذا الدعاء: «اللهم ألف بين قلوبنا، وأصلح ذات بيننا، واهدنا سبل السلام ونجنا من الظلمات إلى النور، وجنبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وبارك لنا في أسماعنا وأبصارنا وقلوبنا وأزواجنا وذرياتنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، واجعلنا شاكرين لنعمتك، مثنين بها وقابليها وأتمها علينا» رواه أحمد وأبو داود.
10- وعن أنس قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا ورجل قائم يصلي، فلما ركع وتشهد قال في دعائه: اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان، بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والاكرام يا حي يا قيوم إني أسألك.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم لاصحابه: «أتدرون بم دعا؟» قالوا: الله ورسوله أعلم.
قال: «والذي نفس محمد بيده لقد دعا الله باسمه العظيم، الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى». رواه النسائي.
11- عن عمير بن سعد قال: كان ابن مسعود يعلمنا التشهد في الصلاة ثم يقول: إذا فرغ أحدكم من التشهد فليقل اللهم إني أسألك من الخير كله ما علمت منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله ما علمت منه وما لم أعلم، اللهم إني أسألك من خير ما سألك منه عبادك الصالحون، وأعوذ بك من شر ما استعاذك منه عبادك الصالحون، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار.
قال: لم يدع نبي ولا صالح بشئ إلا دخل في هذا الدعاء. رواه ابن أبي شيبة وسعيد بن منصور.
=========
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.20- الأذكار والأدعية بعد السلام:
ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم جملة أذكار وأدعية بعد السلام، يسن للمصلي أن يأتي بها، ونحن نذكرها فيما يلي:
1- عن ثوبان رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته استغفر الله ثلاثا وقال: «اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والاكرام» رواه الجماعة إلا البخاري.
وزاد مسلم: قال الوليد: فقلت للاوزاعي: كيف الاستغفار؟ قال يقول: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله.
2- وعن معاذ بن جبل: أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ بيده يوما ثم قال: «يا معاذ إني لأحبك» فقال له معاذ: «بأبي أنت وأمي يا رسول الله، وأنا أحبك» قال: «أوصيك يا معاذ، لا تدعن في دبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك» رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم، وقال صحيح على شرط الشيخين.
وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أتحبون أن تجتهدوا في الدعاء؟ قولوا: اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك» رواه أحمد بسند جيد.
3- وعن عبد الله بن الزبير قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم في دبر الصلاة يقول: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، ولا نعبد إلا إياه، أهل النعمة والفضل والثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون». رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي.
4- وعن المغيرة بن شعبة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول دبر كل صلاة مكتوبة: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير: اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد» رواه أحمد والبخاري ومسلم.
5- وعن عقبة بن عامر قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ بالمعوذتين دبر كل صلاة. ولفظ أحمد وأبي داود بالمعوذات رواه أحمد والبخاري ومسلم.
6- وعن أبي أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت» رواه النسائي والطبراني.
وعن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من قرأ آية الكرسي في دبر الصلاة المكتوبة كان في ذمة الله إلى الصلاة الاخرى». رواه الطبراني بإسناد حسن.
7- وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من سبح الله دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين، وحمد الله ثلاثا وثلاثين وكبر الله ثلاثا وثلاثين تلك تسع وتسعون. ثم قال تمام المائة لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، غفرت له خطاياه وإن كانت مثل زيد البحر» رواه أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود.
8- وعن كعب بن عجرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «معقبات لا يخيب قائلهن أو فاعلهن دبر كل صلاة مكتوبة ثلاثا وثلاثين تسبيحة، وثلاثا وثلاثين تحميد وأربعا وثلاثين تكبيرة» رواه مسلم.
9- وعن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة: أن فقراء المهاجرين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: ذهب أهل الثور بالدرجات العلا والنعيم المقيم قال: وما ذاك؟ قالوا: يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون ولا نتصدق ويعتقون ولا نعتق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أفلا أعلمكم شيئا تدركون به من سبقكم، وتسبقون من بعدكم، ولا يكون أحد أفضل منكم، إلا من صنع مثل ما صنعتم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: تسبحون الله وتكبرون وتحمدون دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين مرة» فرجع فقراء المهاجرين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: سمع اخواننا أهل الأموال بما فعلنا ففعلوا مثله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء» قال سمي: فحدثت بعض أهلي بهذا الحديث فقال: وهمت، إنما قال لك تسبح ثلاثا وثلاثين، وتحمد ثلاثا وثلاثين، وتكبر أربعا وثلاثين.
فرجعت إلى أبي صالح فقلت له ذلك، فأخذ بيدي فقال: الله أكبر، وسبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، «وسبحان الله، والحمد لله، حتى يبلغ من جميعهن ثلاثا وثلاثين» متفق عليه.
10- وصح أيضا، أن يسبح خمسا وعشرين ويحمد مثلها ويكبر مثلها، ويقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير مثلها.
11- عن عبد الله بن عمرو قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «خصلتان من حافظ عليهما أدخلتاه الجنة وهما يسير ومن يعمل بهما قليل، قالوا: وما هما يا رسول الله؟ قال: أن تحمد الله، وتكبره وتسبحه في دبر كل صلاة مكتوبة عشرا عشرا وإذا أتيت إلى مضجعك، تسبح الله وتكبره وتحمده مائة. فتلك خمسون ومائتان باللسان، وألفان وخمسمائة في الميزان فأيكم يعمل في اليوم والليلة ألفين وخمسمائة سيئة قالوا: كيف من يعمل بها قليل؟ قال: يجئ أحدكم الشيطان في صلاته فيذكره حاجة كذا وكذا فلا يقولها، ويأتيه عند منامه فينومه فلا يقولها» قال: ورأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقدهن بيده رواه أبو داود والترمذي وقال: حسن صحيح.
12- وعن علي - وقد جاء هو وفاطمة - رضي الله عنهما يطلبان خادما يخفف عنهما بعض العمل، فأبى النبي صلى الله عليه وسلم عليهما، ثم قال لهما: «ألا أخبركما بخير مما سألتماني؟ قالا: بلى. فقال: كلمات علمنيهن جبريل عليه السلام: تسبحان في دبر كل صلاة عشرا، وتحمدان عشرا، وتكبران عشرا، وإذا أويتما إلى فراشكما، فسبحا ثلاثين وثلاثين: وأحمدا ثلاثا وثلاثين، وكبر أربعا وثلاثين» وقال: فوالله ما تركتهن منذ علمنيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
13- وعن عبد الرحمن بن غنم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من قال قبل أن ينصرف ويثني رجله من صلاة المغرب والصبح: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد بيده الخير يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. عشر مرات كتب له بكل واحدة عشر حسنات ومحيت عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات، وكانت حرزا من كل مكروه، وحرزا من الشيطان الرجيم، ولم يحل لذنب يدركه إلا الشرك فكان من أفضل الناس عملا إلا رجلا يفضله. يقول أفضل مما قال» رواه أحمد وروى الترمذي نحوه بدون ذكر «بيده الخير».
14- وعن مسلم بن الحارث عن أبيه قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا صليت الصبح فقل قبل أن تكلم أحدا من الناس: اللهم أجرني من النار، سبع مرات، فإنك إن مت من يومك كتب الله عز وجل لك جورا من النار، وإذا صليت المغرب فقل قبل أن تكلم أحدا من الناس: اللهم إني أسألك الجنة: اللهم أجرني من النار، سبع مرات، فإنك إن مت من ليلتك كتب الله عز وجل لك جوارا من النار»، رواه أحمد وأبو داود.
15- وروى أبو حاتم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول عند انصرافه من صلاته: «اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح دنياي التي جعلت فيها معاشي: اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بعفوك من نقمتك. وأعوذ بك منك، لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد، منك الجد».
16- وروى البخاري والترمذي: أن سعد بن أبي وقاص كان يعلم بنيه هؤلاء الكلمات، كما يعلم المعلم الغلمان الكتابة.
ويقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ بهن دبر الصلاة: «اللهم إني أعوذ بك من البخل وأعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك أن أرد الى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا، وأعوذ بك من عذاب القبر».
17- وروى أبو داود والحاكم: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول دبر كل صلاة: «اللهم عافني في بدني، اللهم عافني في سمعي، اللهم عافني في بصري. اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر، اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، لا إله إلا أنت».
18- وروى الإمام أحمد وأبو داود والنسائي، بسند فيه داوند الطفاوي، وهو ضعيف، عن زيد بن أرقم: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول دبر صلاته: «اللهم ربنا ورب كل شيء أنا شهيد أنك الرب وحدك لا شريك لك، اللهم ربنا ورب كل شئ، أنا شهيد أن محمدا عبدك رسولك: اللهم ربنا ورب كل شئ، أنا شهيد أن العباد كلهم إخوة: اللهم ربنا ورب كل شئ، اجعلني مخلصا لك وأهلي في كل ساعة من الدنيا والاخرة، يا ذا الجلال والاكرام، اسمع واستجب، الله الاكبر الاكبر، نور السموات والأرض، الله الاكبر الاكبر، حسبي الله ونعم الوكيل الله الاكبر الاكبر».
19- وروى أحمد وابن شيبة وابن ماجه، بسند فيه مجهول، عن أم سلمة، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا صلى الصبح حين يسلم: «اللهم إني أسألك علما نافعا، ورزقا واسعا، وعملا متقبلا».
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.التطوع:
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.1- مشروعيته:
شرع التطوع ليكون جبرا لما عسى أن يكون قد وقع في الفرائض من نقص، ولما في الصلاة من فضيلة ليست لسائر العبادات.
فعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن أول ما يحاسب الناس به يوم القيامة من أعمالهم الصلاة، يقول ربنا لملائكته، وهو أعلم أنظروا في صلاة عبدي أتمها أم نقصها؟ فإن كانت تامة كتبت له تامة، وإن كان انتقص منها شيئا قال: أنظروا هل لعبدي من تطوع؟ فإن كان له تطوع قال: أتموا لعبدي فريضته من تطوعه، ثم تؤخذ الاعمال على ذلك» رواه أبو داود.
وعن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما أذن الله لعبد في شيء أفضل من ركعتين يصليهما، وإن البر ليذر فوق رأس العبد مادام في صلاته» الحديث رواه أحمد والترمذي وصححه السيوطي.
وقال مالك في الموطأ، بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «استقيموا ولن تحصوا، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة، ولن يحافظ على الوضوء إلا مؤمن» وروى مسلم عن ربيعة ابن مالك الاسلمي قال، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «سل» فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة، فقال: «أو غير ذلك؟» قلت: هو ذاك قال: «فأعني على نفسك بكثرة السجود».
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.2- استحباب صلاته في البيت:
1- روى أحمد ومسلم عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا صلى أحدكم الصلاة في مسجده فليجعل لبيته نصيبا من صلاته فإن الله عز وجل جاعل في بيته من صلاته خيرا».
2- وعند أحمد عن عمر أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «صلاة الرجل في بيته تطوعا نور، فمن شاء نور بيته».
3- وعن عبد الرحمن بن عمر قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتخذوا قبورا» رواه أحمد وأبو داود.
4- روى أبو داود بإسناد صحيح عن زيد بن ثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في مسجدي هذا، إلا المكتوبة».
وفي هذه الأحاديث دليل على استحباب صلاة التطوع في البيت، وأن صلاته فيه أفضل من صلاته في المسجد.
قال النووي: إنما حث على النافلة في البيت لكونه أخفى وأبعد عن الرياء وأصون من محبطات الاعمال، وليتبرك البيت بذلك وتنزل فيه الرحمة والملائكة، وينفر منه الشيطان.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.3- أفضلية طول القيام على كثرة السجود في التطوع:
روى الجماعة إلا أبا داود عن المغيرة بن شعبة أنه قال: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقوم ويصلي حتى ترم قدماه أو ساقاه، فقال له؟ فيقول: «أفلا أكون عبدا شكورا».
وروى أبو داود عن عبد الله بن حبشي الخثعمي أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل: أي الاعمال أفضل؟ قال: «طول القيام» قيل: فأي الصدقة أفضل؟ قال: «جهد المقل» قيل: فأي الهجرة أفضل؟ قال: «من هجر ما حرم الله عليه» قيل: فأي الجهاد أفضل؟ قال: «من جاهد المشركين بماله ونفسه» قيل: فأي القتل أشرف؟ قال: «من أهريق دمه وعقر جواده».
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.4- جواز صلاة التطوع من جلوس:
يصح التطوع من قعود مع القدرة على القيام كما يصح أداء بعضه من قعود وبعضه من قيام، لو كان ذلك في ركعة واحدة فبعضها يؤدى من قيام وبعضها من قعود سواء تقديم القيام أو تأخر كل ذلك جائز من غير كراهة ويجلس كيف شاء والافضل التربع.
فقد روى مسلم عن علقمة قال قلت لعائشة: كيف كان يصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الركعتين وهو جالس؟ قال كان يقرأ فيهما فإذا أراد أن يركع قام فركع.
وروى أحمد وأصحاب السنن عنهما قالت: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في شيء من صلاة الليل جالسا قط حتى دخل في السن فكان يجلس فيها فيقرأ حتى إذا بقي أربعون أو ثلاثون آية قام فقرأها ثم سجد.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.5- أقسام التطوع:
ينقسم التطوع إلى تطوع مطلق، وإلى تطوع مقيد.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.والتطوع المطلق:
يقتصر فيه على نية الصلاة.
قال النووي: فإذا شرع في تطوع ولم ينو عددا فله أن يسلم من ركعة وله أن يزيد فيجعلها ركعتين أو ثلاثا أو مائة أو ألفا أو غير ذلك.
ولو صلى عددا لا يعلمه ثم سلم صح بلا خلاف، اتفق عليه أصحابنا ونص عليه الشافعي في الإملاء.
وروى البيهقي بإسناده أن أبا ذر رضي الله عنه صلى عددا كثيرا فلما سلم قال له الاحنف بن قيس رحمه الله: هل تدري انصرفت على شفع أم على وتر؟ قال: إن لا أكن أدري فإن الله يدري، إني سمعت خليلي أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول ثم بكى.
ثم قال: إني سمعت خليلي أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من عبد يسجد لله سجدة إلا رفعه الله بها درجة وحط عنه بها خطيئة» رواه الدارمي في مسنده بسند صحيح إلا رجلا اختلفوا في عدالته.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.والتطوع المقيد:
ينقسم إلى:
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.ما شرع تبعا للفرائض ويسمي السنن الراتبة:
ويشمل سنة الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء، وإلى غيره، وهاك بيان كل:
=========
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.سنة الفجر:
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.1- فضلها:
وردت عدة أحاديث في فضل المحافظة على سنة الفجر نذكرها فيما يلي:
1- عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، في الركعتين قبل صلاة الفجر، قال: «هما أحب إلي من الدنيا جميعا» رواه أحمد ومسلم والترمذي.
2- وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تدعوا ركعتي الفجر وإن طردتكم الخيل» رواه أحمد وأبو داود والبيهقي والطحاوي.
ومعنى الحديث لا تتركوا ركعتي الفجر مهما اشتد العذر حتى ولو كان مطاردة العدو.
3- وعن عائشة قالت: «لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم على شيء من النوافل أشد معاهدة من الركعتين قبل الصبح» رواه الشيخان وأحمد وأبو داود.
4- وعنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها» رواه أحمد ومسلم والترمذي والنسائي.
5- ولأحمد ومسلم عنها، قالت: ما رأيته إلى شيء من الخير أسرع منه إلى الركعتين قبل الفجر.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.2- تخفيفها:
المعروف من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يخفف القراءة في ركعتي الفجر.
1- فعن حفصة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتي الفجر قبل الصبح في بيتي يخففهما جدا.
قال نافع: وكان عبد الله يعني ابن عمر يخففهما كذلك رواه أحمد والشيخان.
2- وعن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الركعتين قبل الغداة فيخففهما حتى إني لاشك أقرأ فيهما بفاتحة الكتاب أم لا؟ رواه أحمد وغيره.
3- وعنها قالت: كان قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الركعتين قبل صلاة الفجر قدر ما يقرأ فاتحة الكتاب: رواه أحمد والنسائي والبيهقي ومالك والطحاوي.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.3- ما يقرأ فيها:
يستحب القراءة في ركعتي الفجر بالوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد ورد عنه فيها ما يأتي:
1- عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في ركعتي الفجر: {قل يا أيها الكافرون} و{قل هو الله أحد} وكان يسر بها رواه أحمد والطحاوي.
وكان يقرأهما بعد الفاتحة، لأنه لا صلاة بدونها كما تقدم.
2- وعنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: «نعم السورتان هما» وكان يقرأ بهما في الركعتين قبل الفجر {قل يا أيها الكافرون} و{قل هو الله أحد}. رواه أحمد وابن ماجه.
3- وعن جابر أن رجلا قام فركع ركعتي الفجر فقرأ في الأولى: {قل يا أيها الكافرون} حتى انقضت السورة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «هذا عبد عرف ربه» وقرأ في الاخرة: «هذا عبد آمن بربه» قال طلحة: فأنا أحب أن أقرأ بهاتين السورتين في هاتين الركعتين، رواه ابن حبان والطحاوي.
4- وعن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ فيركعتي الفجر {قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا} والتي في آل عمران {تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم} رواه مسلم.
أي أنه كان يقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة هذه الآية: {قولوا آمنا بالله وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والاسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون} وفي الركعة الثانية {قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون}.
5- وعنه في رواية أبي داود أنه كان يقرأ في الركعة الأولى {قولوا آمنا بالله} وفي الثانية {فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا بالله وأشهد بأنا مسلمون}.
6- ويجوز الاقتصار على الفاتحة وحدها، لما تقدم عن عائشة أن قيامه كان قدر ما يقرأ فاتحة الكتاب.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.4- الدعاء بعد الفراغ منها:
قال النووي في الاذكار: روينا في كتاب ابن السني عن أبي المليح واسمه عامر بن أسامة عن أبيه أنه صلى ركعتي الفجر وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى قريبا منه ركعتين خفيفتين ثم سمعه يقول وهو جالس: «اللهم رب جبريل وإسرافيل وميكائيل ومحمد النبي صلى الله عليه وسلم أعوذ بك من النار» ثلاث مرات وروينا فيه عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من قال صبيحة يوم الجمعة قبل صلاة الغداة: استغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه ثلاث مرات غفر الله تعالى ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر».
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.5- الاضطجاع بعدها:
قالت عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ركع ركعتي الفجر اضطجع على شقه الايمن. رواه الجماعة.
ورووا أيضا عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى ركعتي الفجر فإن كنت نائمة اضطجع وإن كنت مستيقظة حدثني.
وقد اختلف في حكمه اختلافا كثيرا، والذي يظهر أنه مستحب في حق من صلى السنة في بيته دون من صلاها في المسجد.
قال الحافظ: في الفتح: وذهب بعض السلف إلى استحبابها في البيت دون المسجد وهو محكي عن ابن عمر، وقواه بعض شيوخنا بأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعله في المسجد.
وصح عن ابن عمر أنه كان يحصب من يفعله في المسجد. أخرجه ابن أبي شيبة.
انتهى وسئل عنه الإمام أحمد فقال: ما أفعله، وإن فعله رجل فحسن.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.6- قضاؤها:
عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من لم يصل ركعتي الفجر حتى تطلع الشمس فليصلها» رواه البيهقي، قال النووي: وإسناده جيد.
وعن قيس بن عمر أنه خرج إلى الصبح فوجد النبي صلى الله عليه وسلم في الصبح، ولم يكن ركع ركعتي الفجر، فصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم قام حين فرغ من الصبح فركع ركعتي الفجر فمر به النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «ما هذه الصلاة؟» فأخبره، فسكت النبي صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئا رواه أحمد وابن خزيمة وابن حبان وأصحاب السنن إلا النسائي.
قال العراقي: إسناده حسن.
وروى أحمد والشيخان عن عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في مسير له فناموا عن صلاة الفجر فاستيقظوا بحر الشمس فارتفعوا قليلا حتى استقلت الشمس ثم أمر مؤذنا فأذن. فصلى ركعتين قبل الفجر، ثم أقام ثم صلى الفجر.
وظاهر الأحاديث أنها تقضى قبل طلوع الشمس وبعد طلوعها، سواء كان فواتها لعذر أو لغير عذر وسواء فاتت وحدها أو مع الصبح.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.سنة الظهر:
ورد في سنة الظهر أنها أربع ركعات أو ست أو ثمان، وإليك بيانها مفصلا: ما ورد في أنها أربع ركعات:
1- عن ابن عمر قال: حفظت من النبي صلى الله عليه وسلم عشر ركعات: ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب في بيته، وركعتين بعد العشاء في بيته، وركعتين قبل صلاة الصبح رواه البخاري.
2- وعن المغيرة بن سليمان قال: سمعت ابن عمر يقول: كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يدع ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل الصبح رواه أحمد بسند جيد.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.ما ورد في أنها ست:
1- عن عبد الله بن شقيق قال: سألت عائشة عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: كان يصلي قبل الظهر أربعا واثنتين بعدها رواه أحمد ومسلم وغيرهما.
2- وعن أم حبيبة بنت أبي سفيان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من صلى في يوم وليلة اثنتي عشرة ركعة بني له بيت في الجنة: أربعا قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل صلاة الفجر» رواه الترمذي وقال حسن صحيح، ورواه مسلم مختصرا.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.ما ورد في أنها ثمان ركعات:
1- عن أم حبيبة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صلى أربعا قبل الظهر وأربعا بعدها حرم الله لحمه على النار» رواه أحمد وأصحاب السنن وصححه الترمذي.
2- عن أبي أيوب الانصاري: أنه كان يصلي أربع ركعات قبل الظهر، فقيل له: إنك تديم هذه الصلاة فقال: إني رأيت رسول الله يفعله، فسألته فقال: «إنها ساعة تفتح فيها أبواب السماء، فأحببت أن يرفع لي فيها عمل صالح» رواه أحمد وسنده جيد.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.فضل الأربع قبل الظهر:
1- عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدع أربعا قبل الظهر وركعتين قبل الفجر على كل حال. رواه أحمد والبخاري.
وروى عنها أنه كان يصلي قبل الظهر أربعا يطيل فيهن القيام ويحسن فيهن الركوع والسجود.
ولا تعارض بين ما في حديث ابن عمر من أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبل الظهر ركعتين وبين باقي الأحاديث الاخرى من أنه كان يصلي أربعا.
قال الحافظ في الفتح: والأولى أن يحمل على حالين فكان تارة يصلي اثنتين وتارة يصلي أربعا.
وقيل: هو محمول على أنه كان في المسجد يقتصر على ركعتين وفي بيته يصلي أربعا، ويحتمل أنه كان يصلي إذا كان في بيته ركعتين ثم يخرج إلى المسجد فيصلي ركعتين فرأى ابن عمر ما في المسجد دون ما في بيته واطلعت عائشة على الأمرين.
ويقوي الأول ما رواه أحمد وأبو داود في حديث عائشة كان يصلي في بيته قبل الظهر أربعا ثم يخرج، قال أبو جعفر الطبري: الأربع كانت في كثير من أحواله والركعتان في قليلها.
وإذا صلى أربعا قبلها أو بعدها الافضل أن يسلم بعد كل ركعتين، ويجوز أن يصليها متصلة بتسليم واحد لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى» رواه أبو داود بسند صحيح.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.قضاء سنتي الظهر:
عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا لم يصل أربعا قبل الظهر صلاهن بعدها. رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب.
وروى ابن ماجه عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فاتته الأربع قبل الظهر صلاهن بعد الركعتين بعد الظهر.
هذا في قضاء الراتية القبلية أما قضاء الراتبة البعدية فقد جاء فيه ما رواه أحمد عن أم سلمة قالت: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر، وقد أتي بمال، فقعد يقسمه حتى أتاه المؤذن بالعصر، فصلى العصر ثم انصرف إلي، وكان يومي، فركع ركعتين خفيفتين، فقلنا: ما هاتان الركعتان يا رسول الله، أمرت بهما؟ قال: «لا ولكنهما ركعتان كنت أركعهما بعد الظهر فشغلني قسم هذا المال حتى جاء المؤذن بالعصر فكرهت أن أدعهما» رواه البخاري ومسلم وأبو داود بلفظ آخر.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.سنة المغرب:
يسن بعد صلاة المغرب صلاة ركعتين لما تقدم عن ابن عمر أنهما من الصلاة التي لم يكن يدعها النبي صلى الله عليه وسلم.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.ما يستحب فيها:
يستحب في سنة المغرب أن يقرأ فيها بعد الفاتحة ب {قل يا أيها الكافرون} و{قل هو الله أحد}.
فعن ابن مسعود أنه قال: ما أحصي ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعتين بعد المغرب وفي الركعتين قبل الفجر ب {قل يا أيها الكافرون} و{قل هو الله أحد} رواه ابن ماجه والترمذي وحسنه.
وكذا يستحب أن تؤدى في البيت.
فعن محمود بن لبيد قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني عبد الاشهل فصلى بهم المغرب، فلما سلم قال: «اركعوا هاتين الركعتين في بيوتكم» رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي.
وتقدم أنه صلى الله عليه وسلم كان يصليهما في بيته.
سنة العشاء:
تقدم من الأحاديث ما يدل على سنية الركعتين بعد العشاء.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.السنن غير المؤكدة:
ما تقدم من السنن والرواتب يتأكد أداؤه وبقيت سنن أخرى راتبة يندب الاتيان بها من غير تأكيد، نذكرها فيما يلي:
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.1- ركعتان أو أربع قبل العصر:
وقد ورد فيها عدة أحاديث متكلم فيها ولكن لكثرة طرقها يؤيد بعضها بعضا، فمنها حديث ابن عمر قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا» رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه، وابن حبان وصححه، وكذا صححه ابن خزيمة.
ومنها حديث علي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبل العصر أربعا يفصل بين كل ركعتين بالتسليم على الملائكة المقربين والنبيين ومن تبعهم من المؤمنين والمسلمين. رواه أحمد والنسائي وابن ماجه والترمذي وحسنه.
وأما الاقتصار على ركعتين فقط فدليله عموم قوله صلى الله عليه وسلم: «بين كل أذانين صلاة».
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.2- ركعتان قبل المغرب:
روى البخاري عن عبد الله بن مغفل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «صلوا قبل المغرب، صلوا قبل المغرب» ثم قال في الثالثة: «لمن شاء» كراهية أن يتخذها الناس سنة.
وفي رواية لابن حبان: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى قبل المغرب ركعتين.
وفي مسلم عن ابن عباس قال: كنا نصلي ركعتين قبل غروب الشمس وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرانا فلم يأمرنا ولم ينهنا.
قال الحافظ في الفتح: ومجموع الادلة يرشد إلى استحباب تخفيفها كما في ركعتي الفجر.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.3- ركعتان قبل العشاء:
لما رواه الجماعة من حديث عبد الله بن مغفل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة» ثم قال في الثالثة: «لمن شاء».
ولابن حبان من حديث ابن الزبير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من صلاة مفروضة إلا وبين يديها ركعتان».
استحباب الفصل بين الفريضة والنافلة بمقدار ختم الصلاة: عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى العصر فقام رجل يصلي فرآه عمر فقال له اجلس فإنما هلك أهل الكتاب أنه لم يكن لصلاتهم فصل.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أحسن ابن الخطاب» رواه أحمد بسند صحيح.
=========
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.الوتر:
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.1- فضله وحكمه:
الوتر سنة مؤكدة حث عليه الرسول صلى الله عليه وسلم ورغب فيه.
فعن علي رضي الله عنه أنه قال: إن الوتر ليس بحتم كصلاتكم المكتوبة، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوتر، ثم قال: «يا أهل القرآن أوتروا فإن الله وتر يحب الوتر».
قال نافع: وكان ابن عمر لا يصنع شيئا إلا وترا رواه أحمد وأصحاب السنن وحسنه الترمذي ورواه الحاكم أيضا وصححه.
وما ذهب إليه أبو حنيفة من وجوب الوتر فمذهب ضعيف.
قال ابن المنذر: لا أعلم أحدا وافق أبا حنيفة في هذا.
وعند أحمد وأبي داود والنسائي وابن ماجه أن المخدجي «رجل من بني كنانة» أخبره رجل من الانصار يكنى أبا محمد أن الوتر واجب، فراح المخدجي إلى عبادة بن الصامت فذكر له أن أبا محمد يقول: الوتر واجب.
فقال عبادة بن الصامت: كذب أبو محمد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «خمس صلوات كتبهن الله تبارك وتعالى على العباد من أتى بهن لم يضيع منهن شيئا استخفافا بحقهن كان له عند الله تبارك وتعالى عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد، إن شاء عذبه وإن شاء غفر له» وعند البخاري ومسلم من حديث طلحة بن عبيدالله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال صلى الله عليه وسلم: «خمس صلوات كتبهن الله في اليوم والليلة» فقال الاعرابي: هل علي غيرها؟ قال: «لا. إلا أن تطوع».
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.2- وقته:
أجمع العلماء على أن وقت الوتر لا يدخل إلا بعد صلاة العشاء وأنه يمتد إلى الفجر.
فعن أبي تميم الجيشاني رضي الله عنه أن عمرو بن العاص خطب الناس يوم جمعة فقال: إن أبا بصرة حدثني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله زادكم صلاة، وهي الوتر فصلوها فيما بين صلاة العشاء إلى صلاة الفجر» قال أبو تميم: فأخذ بيدي أبو ذر فسار في المسجد إلى أبي بصرة رضي الله عنه فقال: أنت سمعت رسول الله يقول ما قال عمرو؟ قال أبو بصرة: أنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه أحمد بإسناد صحيح.
وعن أبي مسعود الانصاري رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر أول الليل وأوسطه وآخره. رواه أحمد بسند صحيح.
وعن عبد الله بن أبي قيس قال سألت عائشة رضي الله عنها عن وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: ربما أوتر أول الليل وربما أوتر من آخره، قلت: كيف كانت قراءته، أكان يسر بالقراءة أم يجهر؟ قالت: كل ذلك كان يفعل، وربما أسر وربما جهر، وربما اغتسل فنام وربما توضأ فنام «تعني في الجنابة» رواه أبو داود.
ورواه أيضا أحمد ومسلم والترمذي.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.3- استحباب تعجيله:
لمن ظن أنه لا يستيقظ آخر الليل، وتأخيره لمن ظن أنه يستيقظ آخره:
يستحب تعجيل الصلاة الوتر أول الليل لمن خشي أن لا يستيقظ آخره، كما يستحب تأخيره إلى آخر الليل لمن ظن أنه يستيقظ آخره.
فعن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من ظن منكم أن لا يستيقظ آخره أي الليل فليوتر أوله ومن ظن منكم أنه يستيقظ آخره فليوتر آخره فإن صلاة آخر الليل محضورة وهي أفضل» رواه أحمد ومسلم والترمذي وابن ماجه.
وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لابي بكر: «متى توتر؟». قال: أول الليل بعد العتمة قال: «فأنت يا عمر» قال: آخر الليل.
قال: «أما أنت يا أبا بكر فأخذت بالثقة وأما أنت يا عمر فأخذت بالقوة» رواه أحمد وأبو داود والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم.
وانتهى الأمر برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أنه كان يوتر وقت السحر لأنه الافضل كما تقدم.
قالت عائشة رضي الله عنها: من كل الليل قد أوتر النبي صلى الله عليه وسلم من أول الليل وأوسطه وآخره فانتهى وتره إلى السحر رواه الجماعة.
ومع هذا فقد وصى بعض أصحابه بألا ينام إلا على وتر أخذا بالحيطة والحزم.
وكان سعد بن أبي وقاص يصلي العشاء الاخرة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يوتر بواحدة ولا يزيد عليها.
فقيل له: أتوتر بواحدة لا تزيد عليها يا أبا اسحق؟ قال: نعم..إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «الذي لا ينام حتى يوتر حازم» رواه أحمد ورجاله ثقات.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.4- عدد ركعات الوتر:
قال الترمذي: روي عن النبي صلى الله عليه وسلمالوتر بثلاث عشرة ركعة، وإحدى عشرة ركعة، وتسع، وسبع، وخمس، وثلاث، وواحدة.
قال إسحق بن إبراهيم:
معنى ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوتر بثلاث عشرة ركعة أنه كان يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة مع الوتر، يعني من جملتها الوتر فنسبت صلاة الليل إلى الوتر.
ويجوز أداء الوتر ركعتين، ثم صلاة ركعة بتشهد وسلام، كما يجوز صلاة الكل بتشهدين وسلام، فيصل الركعات بعضها ببعض من غير أن يتشهد إلا في الركعة التي هي قبل الاخيرة فيتشهد فيها ثم يقوم إلى الركعة الاخيرة فيصليها ويتشهد فيها ويسلم، ويجوز أداء الكل بتشهد واحد وسلام في الركعة الاخيرة، كل ذلك جائز وارد عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال ابن القيم: وردت السنة الصحيحة الصريحة المحكمة في الوتر بخمس متصلة، وسبع متصلة.
كحديث أم سلمة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بسبع وبخمس لا يفصل بسلام ولا بكلام رواه أحمد والنسائي وابن ماجه بسند جيد، وكقول عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة، يوتر من ذلك بخمس لا يجلس إلا في آخرهن. متفق عليه، وكحديث عائشة: أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي من الليل تسع ركعات لا يجلس فيها إلا في الثامنة فيذكر الله ويحمده ويدعوه ثم ينهض ولا يسلم ثم يصلي التاسعة ثم يقعد ويتشهد ثم يسلم تسليما يسمعنا، ثم يصلي ركعتين بعد ما يسلم وهو قاعد فتلك إحدى عشرة ركعة فلما أسن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذه اللحم أوتر بسبع وصنع في الركعتين مثل صنيعه في الأول.
وفي لفظ عنها: فلما أسن وأخذه اللحم أوتر بسبع ركعات لم يجلس إلا في السادسة والسابعة، ولم يسلم إلا في السابعة.
وفي لفظ: صلى سبع ركعات لا قعد إلا في آخرهن. أخرجه الجماعة، وكلها أحاديث صحاح صريحة لا معارض لها سوى قوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى» وهو حديث صحيح، لكن الذي قاله هو الذي أوتر بالسبع والخمس، وسننه كلها حتى يصدق بعضها بعضا.
فالنبي صلى الله عليه وسلم أجاب السائل عن صلاة الليل بأنها مثنى مثنى ولم يسأله عن الوتر.
وأما السبع والخمس والتسع والواحدة فهي صلاة الوتر، والوتر اسم للواحدة المنفصلة مما قبلها، وللخمس والسبع والتسع المتصلة كالمغرب اسم للثلاثة المتصلة، فإن انفصلت الخمس والسبع بسلامين كالاحدى عشرة كان الوتر اسما للركعة المفصولة وحدها.
كما قال صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى فإذا خشي الصبح أوتر بواحدة توتر له ما قد صلى» فاتق فعله صلى الله عليه وسلم وقوله وصدق بعضه بعضا.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.5- القراءة في الوتر:
يجوز القراءة في الوتر بعد الفاتحة بأي شيء من القرآن، قال علي: ليس من القرآن شيء مهجور فأوتر بما شئت.
ولكن المستحب إذا أوتر بثلاث أن يقرأ في الأولى بعد الفاتحة {سبح اسم ربك الاعلى} وفي الثانية {قل يا أيها الكافرون} وفي الثالثة {قل هو الله أحد} والمعوذتين.
لما رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعة الأولى ب {سبح اسم ربك الاعلى} وفي الثانية ب {قل يا أيها الكافرون} وفي الثالثة ب {قل هو الله أحد} المعوذتين.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.6- القنوت في الوتر:
يشرع القنوت في الوتر في جميع السنة، لما رواه أحمد وأهل السنن وغيرهم من حديث الحسن بن علي رضي الله عنه قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في الوتر: «اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت وقني شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، وإنه لاى ذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، وصلى الله على النبي محمد».
قال الترمذي: هذا حديث حسن.
قال: ولا يعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم في القنوت شيء أحسن من هذا.
وقال النووي: إسناده صحيح، وتوقف ابن حزم في صحته، فقال هذا الحديث وإن لم يكن مما يحتج به فإنا لم نجد فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم غيره والضعيف من الحديث أحب إلينا من الرأي، قال ابن حنبل وهذا مذهب ابن مسعود، وأبي موسى، وابن عباس، والبراء، وأنس، والحسن البصري، وعمر بن عبد العزيز، والثوري، وابن المبارك، والحنفية، ورواية عن أحمد.
قال النووي: وهذا الوجه قوي في الدليل.
وذهب الشافعي وغيره إلى أنه لا يقنت في الوتر إلا في النصف الأخير من رمضان، لما رواه أبو داود أن عمر بن الخطاب جمع الناس على أبي بن كعب وكان يصلي لهم عشرين ليلة ولا يقنت إلا في النصف الباقي من رمضان.
وروى محمد بن نصر أنه سأل سعيد بن جبير عن بدء القنوت في الوتر فقال: بعض عمر بن الخطاب جيشا فتورطوا متورطا خاف عليهم، فلما كان النصف الاخر من رمضان قنت يدعو لهم.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.7- محل القنوت:
يجوز القنوت قبل الركوع بعد الفراغ من القراءة، ويجوز كذلك بعد الرفع من الركوع، فعن حميد قال: سألت أنسا عن القنوت قبل الركوع أو بعد الركوع؟ فقال كنا نفعل قبل وبعد. رواه ابن ماجه ومحمد بن نصر.
قال الحافظ في الفتح: إسناده قوي.
وإذا قنت قبل الركوع كبر رافعا يديه بعد الفراغ من القراءة وكبر كذلك بعد الفراغ من القنوت، روي ذلك عن بعض الصحابة.
وبعض العلماء استحب رفع يديه عند القنوت وبعضهم لم يستحب ذلك.
وأما مسح الوجه بهما فقد قال البيهقي: الأولى أن لا يفعله ويقتصر على ما فعله السلف رضي الله عنهم من رفع اليدين دون مسحهما بالوجه في الصلاة.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.8- الدعاء بعده:
يستحب أن يقول المصلي بعد السلام من الوتر: سبحان الملك القدوس ثلاث مراتى رفع صوته بالثالثة ثم يقول: رب الملائكة والروح، لما رواه أبو داود والنسائي من حديث أبي بن كعب قال: كانر سول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الوتر ب {سبح اسم ربك الاعلى} و{قل يا أيها الكافرون} و{قل هو الله أحد}.
فإذا سلم قال: سبحان الملك القدوس ثلاث مرات، يمد بها صوته في الثالثة ويرفع. وهذا لفظ النسائي.
زاد الدار قطني، ويقول: رب الملائكة والروح، ثم يدعو بما رواه أحمد وأصحاب السنن عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في آخر وتره.
«اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك».
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.9- لا وتران في ليلة:
من صلى الوتر ثم بدا له أن يصلي جاز ولا يعيد الوتر.
لما رواه أبو داود والنسائي والترمذي وحسنه عن علي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا وتران في ليلة».
وعن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم تسليما يسمعنا، ثم يصلي ركعتين بعد ما يسلم وهو قاعد، رواه مسلم.
وعن أم سلمة: أنه صلى الله عليه وسلم كان يركع ركعتين بعد الوتر وهو جالس، رواه أحمد وأبو داود والترمذي وغيرهم.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.10- قضاؤه:
ذهب جمهور العلماء إلى مشروعية قضاء الوتر لما رواه البيهقي والحاكم وصححه على شرط الشيخين عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أصبح أحدكم ولم يوتر فليوتر».
وروى أبو داود عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من نام عن وتره أو نسيه فليصله إذا ذكره» قال العراقي إسناده صحيح.
وعند أحمد والطبراني بسند حسن: كان الرسول صلى الله عليه وسلم يصبح فيوتر.
واختلفوا في الوقت الذي يقضى فيه، فعند الحنفية يقضى في غير أوقات النهي، وعند الشافعية يقضى في أي وقت من الليل أو من النهار، وعند مالك وأحمد يقضى بعد الفجر ما لم تصل الصبح.
القنوت في الصلوات الخمس يشرع القنوت جهرا في الصلوات الخمس عند النوازل، فعن ابن عباس قال: قنت الرسول صلى الله عليه وسلم شهرا متتابعا. في الظهر والعصر، والمغرب، والعشاء والصبح في دبر كل صلاة إذا قال سمع الله لمن حمده من الركعة الاخيرة: يدعو عليهم، على حي من بني سليم وعل رعل وذكوان وعصية ويؤمن من خلفه رواه أبو داود وأحمد، وزاد: أرسل إليهم يدعوهم إلى الإسلام فقتلوهم.
قال عكرمة: كان هذا مفتاح القنوت: وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يدعو على أحد أو يدعو لاحد قنت بعد الركوع.
فربما قال، إذا قال سمع الله لمن حمده: ربنا ولك الحمد: «اللهم أنج الوليد بن الوليد، وسلمة بن هشام، وعياش بن أبي ربيعة، والمستضعفين من المؤمنين. اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسني يوسف» قال يجهر بذلك ويقولها في بعض صلاته، وفي صلاة الفجر «اللهم ألعن فلانا وفلانا» حيين من أحياء العرب حتى أنزل الله تعالى: «ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون» رواه أحمد والبخاري.
=======
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.القنوت في صلاة الصبح:
القنوت في صلاة الصبح غير مشروع إلا في النوازل ففيها يقنت فيه وفي سائر الصلوات كما تقدم.
روى أحمد والنسائي وابن ماجه والترمذي وصححه.
عن أبي مالك الاشجعي قال: كان أبي قد صلى خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ست عشرة سنة، وأبي بكر وعمر وعثمان فقلت أكانوا يقنتون؟ قال: لا: أي بني محدث.
وروى ابن حبان والخطيب وابن خزيمة وصححه، عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يقنت في صلاة الصبح إلا إذا دعا لقوم أو دعا على قوم.
وروى الزبير والخلفاء الثلاثة أنهم كانوا لا يقنتون في صلاة الفجر.
وهو مذهب الحنفية والحنابلة وابن المبارك والثوري وإسحاق.
ومذهب الشافعية أن القنوت في صلاة الصبح بعد الركوع من الركعة الثانية سنة، لما رواه الجماعة إلا الترمذي عن ابن سيرين أن أنس بن مالك سئل: هل قنت النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الصبح؟ فقال: نعم.
فقيل له: قبل الركوع أو بعده؟ قال: بعد الركوع.
ولما رواه أحمد والبزار والدارقطني والبيهقي والحاكم وصححه عنه قال: ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا.
وفي هذا الاستدلال نظر، لأن القنوت المسؤول عنه هو قنوت النوازل كما جاء ذلك صريحا في رواية البخاري ومسلم.
وأما الحديث الثاني ففي سنده أبو جعفر الرازي وهو ليس بالقوي، وحديثه هذا لا ينهض للاحتجاج به، إذ لا يعقل أن يقنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في الفجر طول حياته ثم يتركه الخلفاء من بعده، بل إن أنسا نفسه لم يكن يقنت في الصبح كما ثبت ذلك عنه، ولو سلم صحة الحديث فيحمل القنوت المذكور فيه على أنه صلى الله عليه وسلم كان يطيل القيام بعد الركوع للدعاء والثناء إلى أن فارق الدنيا، فإن هذا معنى من معاني القنوت وهو هنا أنسب.
ومهما يكن من شيء فإن هذا من الاختلاف المباح الذي يستوي فيه الفعل والترك وإن خير الهدي محمد صلى الله عليه وسلم.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.قيام الليل:
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.1- فضله:
1- أمر الله به نبيه صلى الله عليه وسلم فقال: {ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا}.
وهذا الأمر وإن كان خاصا برسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن عامة المسلمين يدخلون فيه بحكم أنهم مطالبون بالاقتاء به صلى الله عليه وسلم.
2- بين أن المحافظين على قيامه هم المحسنون المستحقون لخيره ورحمته فقال: {إن المتقين في جنات وعيون آخذين ما آتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين كانوا قليلا من الليل ما يهجعون وبالاسحار هم يستغفرون}.
3- ومدحهم وأثنى عليهم ونظمهم في جملة عباده الابرار فقال: {وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما}.
4- وشهد لهم بالايمان بآياته فقال: {إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجدا وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون}.
5- ونفى التسوية بينهم وبين غيرهم ممن لم يتصف بوصفهم فقال: {أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الاخرة ويرجو رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الالباب}.
هذا بعض ما جاء في كتاب الله، أما ما جاء في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فهاك بعضه:
1- قال عبد الله بن سلام: أول ما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة انجفل الناس إليه، فكنت ممن جاءه، فلما تأملت وجهه واستبنته عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب.
قال: فكان أول ما سمعت من كلامه أن قال: «أيها الناس أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الارحام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام» رواه الحاكم وابن ماجه والترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
2- وقال سلمان الفارسي، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم، ومقربة لكن إلى ربكم، ومكفرة للسيئات، ومنهاة عن الاثم، ومطردة للداء عن الجسد».
3- وقال سهل بن سعد: جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «يا محمد عش ما شئت فإنك ميت، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعلم أن شرف المؤمن قيام الليل وعزه استغناؤه عن الناس».
4- وعن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاثة يحبهم الله ويضحك إليهم ويستبشر بهم: الذي إذا انكشفت فئة قاتل وراءها بنفسه لله عز وجل فإما أن يقتل وإما أن ينصره الله عز وجل ويكفيه فيقول: انظروا إلى عبدي هذا كيف صبر لي بنفسه والذي له امرأة حسنة وفراش لين حسن فيقوم من الليل فيقول: يذر شهوته ويذكرني، ولو شاء رقد والذي إذا كان في سفر وكان معه ركب فسهروا ثم هجعوا فقام من السحر في ضراء وسراء».
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.2- آدابه:
يسن لمن أراد قيام الليل ما يأتي:
1- أن ينوي عند نومه قيام الليل:
فعن أبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أتى فراشه وهو ينوي أن يقوم فيصلي من الليل فغلبته عينه حتى يصبح كتب له ما نوى، وكان نومه صدقة عليه من ربه» رواه النسائي وابن ماجه بسند صحيح.
2- أن يمسح النوم عن وجهه عند الاستيقاظ:
ويتسوك وينظر في السماء ثم يدعو بما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول: «لا إله إلا أنت سبحانك، أستغفرك لذنبي وأسألك رحمتك، اللهم زدني علما ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني وهب لي من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور، ثم يقرأ الايات العشر من أواخر سورة آل عمران: {إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لايات لأولى الألباب} إلى آخر السورة ثم يقول: اللهم لك الحمد، أنت نور السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد، أنت قيم السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد، أنت الحق، ووعدك الحق، ولقاؤك حق، والجنة حق، والنار حق، والنبيون حق، ومحمد حق، والساعة حق. اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت، فاغفر لي ما قدمت وما أخرت، ما أسررت وما أعلنت، أنت الله لا إله إلا أنت».
3- أن يفتتح صلاة الليل بركعتين خفيفتين:
ثم يصلي بعدهما ما شاء، فعن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يصلي افتتح صلاته بركعتين خفيفتين.
عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قام أحدكم من الليل فليفتتح صلاته بركعتين خفيفتين» رواهما مسلم.
4- أن يوقظ أهله:
فعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«رحم الله امرء قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته فإن أبت نضح في وجهها الماء، رحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها، فإن أبى نضحت في وجهه الماء».
وعنه أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أيقظ الرجل أهله من الليل فصليا أو صلى ركعتين جميعا كتب في الذاكرين والذاكرات» رواهما أبو داود وغيره بإسناد صحيح.
وعن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم استيقظ ليلة فقال: «سبحان الله، ماذا أنزل الليلة من الفتنة، ماذا أنزل من الخزائن، من يوقظ صواحب الحجرات، يا رب كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة» رواه البخاري.
عن علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طرقه وفاطمة، فقال: «ألا تصليان؟» قال فقالت: يا رسول الله أنفسنا بيد الله فإن شاء أن يبعثنا بعثنا، فانصرف حين قلت ذلك، ثم سمعته وهو مول يضرب فخذه وهو يقول: {وكان الإنسان أكثر شيء جدلا} متفق عليه.
5- أن يترك الصلاة ويرقد إذا غلبه النعاس:
حتى يذهب عنه النوم، فعن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قام أحدكم من الليل فاستعجم القرآن على لسانه فلم يدر ما يقول فليضطجع» رواه مسلم.
وقال أنس: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد وحبل ممدود بين ساريتين فقال: «ما هذا؟» قالوا: لزينب تصلي، إذا كسلت أو فترت أمسكت به.
فقال: «حلوه، ليصل أحدكم نشاطه فإذا كسل أو فتر فليرقد» متفق عليه.
6- أن لا يشق على نفسه:
بل يقوم من الليل بقدر ما تتسع له طاقته، ويواظب عليه ولا يتركه إلا لضرورة.
فعن عائشة قالت، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خذوا من الاعمال ما تطيقون، فو الله لا يمل الله حتى تملوا» رواه البخاري ومسلم.
ورويا عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل أي العمل أحب إلى الله تعالى؟ قال: «أدومه وإن قل».
وروى مسلم عنها قالت: كان عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم ديمة وكان إذا عمل عملا أثبته.
وعن عبد الله بن عمر قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا عبد الله لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل فترك قيام الليل» متفق عليه.
ورويا عن ابن مسعود قال: ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم رجل نام حتى أصبح قال: «ذاك رجل بال الشيطان في أذنيه» أو قال: «في أذنه» ورويا عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لابيه: «نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل» قال سالم: فكان عبد الله بعد ذلك لا ينام من الليل إلا قليلا.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.3- وقته:
صلاة الليل تجوز في أول الليل ووسطه وآخره ما دامت الصلاة بعد صلاة العشاء.
قال أنس رضي الله عنه في وصف صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما كنا نشاء أن نراه من الليل مصليا إلا رأيناه، وما كنا نشاء أن نراه نائما إلا رأيناه، وكان يصوم من الشهر حتى نقول لا يفطر منه شيئا ويفطر حتى نقول لا يصوم منه شيئا رواه أحمد والبخاري والنسائي.
قال الحافظ: لم يكن لتهجده صلى الله عليه وسلم وقت معين بل بحسب ما يتيسر له القيام.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.4- أفضل أوقاتها:
الافضل تأخيرها إلى الثلث الاخير:
1- فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ينزل ربنا عز وجل كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الاخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فعطيه، من يستغفرني فأغفر له» رواه الجماعة.
2- وعن عمرو بن عبسة قال، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «أقرب ما يكون العبد من الرب في جوف الليل الأخير فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن» رواه الحاكم وقال: على شرط مسلم والترمذي وقال: حسن صحيح، ورواه أيضا النسائي وابن خزيمة.
3- وقال أبو مسلم لابي ذر: أي قيام الليل أفضل؟ قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سألتني فقال: «جوف الليل الغابر وقليل فاعله» رواه أحمد بإسناد جيد.
4- وعن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أحب الصيام إلى الله صيام داود، وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود: كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه، وكان يصوم يوما ويفطر يوما» رواه الجماعة إلا الترمذي.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.5- عدد ركعاته:
ليس لصلاة الليل عدد مخصوص ولا حد معين، فهي تتحقق ولو بركعة الوتر بعد صلاة العشاء.
1- فعن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: «أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصلي من الليل ما قل أو كثر ونجعل آخر ذلك وترا» رواه الطبراني والبزار.
2- وروى عن أنس رضي الله عنه يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: «صلاة في مسجدي تعدل بعشرة آلاف صلاة، وصلاة في المسجد الحرام تعدل بمائة ألف صلاة. والصلاة بأرض الرباط تعدل بألفي ألف صلاة، وأكثر من ذلك كله الركعتان يصليهما العبد في جوف الليل» رواه أبو الشيخ وابن حبان في كتابه الثواب وسكت عليه المنذري في الترغيب والترهيب.
3- وعن إياس بن معاوية المزني رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا بد من صلاة بليل ولو حلب شاة، وما كان بعد صلاة العشاء فهو من الليل» رواه الطبراني ورواته ثقات إلا محمد بن إسحق.
4- وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ذكرت قيام الليل فقال بعضهم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «نصفه، ثلثه، ربعه، فواق حلب ناقة، فواق حلب شاة».
5- وروى عنه أيضا قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بصلاة الليل ورغب فيها حتى قال: «عليكم بصلاة الليل ولو ركعة» رواه الطبراني في الكبير والاوسط.
والافضل المواظبة على إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة ركعة، وهو مخير بين أن يصليها وبين أن يقطعها.
قالت عائشة رضي الله عنها: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد في رمضان ولا غيره عن إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثا، فقلت: يا رسول الله أتنام قبل أن توتر؟ فقال: «يا عائشة إن عيني تنامان ولا ينام قلبي» رواه البخاري ومسلم.
ورويا أيضا عن القاسم بن محمد قال: سمعت عائشة رضي الله عنها تقول: كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل عشر ركعات ويوتر بسجدة.
========
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.6- قضاء قيام الليل:
روى مسلم عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا فاتته الصلاة من الليل من وجع أو غيره صلى من النهار اثنتي عشرة ركعة.
وروى الجماعة إلا البخاري عن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من نام عن حزبه أو عن شيء منه فقرأه ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب كأنما قرأه من الليل».
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.قيام رمضان:
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.1- مشروعية قيام رمضان:
قيام رمضان أو صلاة التراويح سنة الرجل والنساء تؤدى بعد صلاة العشاء، وقبل الوتر ركعتين ركعتين، ويجوز أن تؤدى بعده ولكنه خلاف الافضل، ويستمر وقتها إلى آخر الليل.
روى الجماعة عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرغب في قيام رمضان من غير أن يأمر فيه بعزيمة، فيقول: «من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه» ورووا إلا الترمذي عن عائشة قالت: صلى النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد فصلى بصلاته ناس كثير ثم صلى من القابلة فكثروا، ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة فلم يخرج إليهم، فلما أصبح قال: «قد رأيت صنيعكم فلم يمنعني من الخروج إليكم إلا أني خشيت أن تفرض عليكم» وذلك في رمضان.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.2- عدد ركعاته:
روى الجماعة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة.
وروى ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما عن جابر: أنه صلى الله عليه وسلم صلى بهم ثماني ركعات والوتر، ثم انتظروه في القابلة فلم يخرج إليهم.
وروى أبو يعلى والطبراني بسند حسن عنه قال: جاء أبي بن كعب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إنه كان مني الليلة شئ، يعني في رمضان، قال: «وما ذاك يا أبي؟» قال: نسوة في داري قلن: إنا لا نقرأ القرآن فنصلي بصلاتك؟ فصليت بهن ثماني ركعات وأوترت، فكانت سنة الرضا ولم يقل شيئا.
هذا هو المسنون الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يصح عنه شيء غير ذلك، وصح أن الناس كانوا يصلون على عهد عمر وعثمان وعلي عشرين ركعة، وهو رأي جمهور الفقهاء من الحنفية والحنابلة وداود، قال الترمذي: وأكثر أهل العلم على ما روي عن عمر وعلي وغيرهما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عشرين ركعة، وهو قول الثوري وابن المبارك والشافعي، وقال: هكذا أدركت الناس بمكة يصلون عشرين ركعة.
قال الزرقاني: وذكر ابن حبان أن التراويح كانت أولا إحدى عشرة ركعة، وكانوا يطيلون القراءة فثقل عليهم فخففوا القراءة وزادوا في عدد الركعات فكانوا يصلون عشرين ركعة غير الشفع والوتر بقراءة متوسطة، ثم خففوا القراءة وجعلوا الركعات ستا وثلاثين غير الشفع والوتر، ومضى الأمر على ذلك.
ويرى بعض العلماء أن المسنون إحدى عشرة ركعة بالوتر والباقي مستحب.
قال الكمال ابن الهمام: الدليل يقتضي أن تكون السنة من العشرين ما فعله صلى الله عليه وسلم ثم تركه خشية أن يكتب علينا، والباقي مستحب.
وقد ثبت أن ذلك كان إحدى عشرة ركعة بالوتر كما في الصحيحين، فإذن يكون المسنون على أصول مشايخنا ثمانية منها والمستحب اثنى عشرة.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.3- الجماعة فيه:
قيام رمضان يجوز أن يصلى في جماعة كما يجوز أن يصلى على انفراد، ولكن صلاته جماعة في المسجد أفضل عند الجمهور.
وقد تقدم ما يفيد أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى بالمسلمين جماعة ولم يداوم على الخروج خشية أن يفرض عليهم ثم كان أن جمعهم عمر على إمام.
قال عبد الرحمن ابن عبد القاري: خرجت مع عمر بن الخطاب ليلة في رمضان إلى المسجد فإذا الناس أوزاع متفرقون، يصلي الرجل لنفسه ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط.
فقال عمر: إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب، ثم خرجت معه في ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم فقال عمر: نعمت البدعة هذه والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون، يريد آخر الليل، وكان الناس يقومون أوله، رواه البخاري وابن خزيمة والبيهقي وغيرهم.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.4- القراءة فيه:
ليس في القراءة في قيام رمضان شيء مسنون، وورد عن السلف أنهم كانوا يقومون المائتين ويعتمدون على العصي من طوم القيام، ولا ينصرفون إلا قبيل بزوغ الفجر فيستعجلون الخدم بالطعام مخافة أن يطلع عليهم.
وكانوا يقومون بسورة البقرة في ثمان ركعات فإذا قرئ بها في اثنتي عشرة ركعة عد ذلك تخفيفا.
قال ابن قدامة: قال أحمد: «يقرأ بالقوم في شهر رمضان ما يخفف على الناس ولا يشق عليهم، ولا سيما في الليالي القصار» وقال القاضي: لا يستحب النقصان من ختمة في الشهر ليسمع الناس جميع القرآن، ولا يزيد على ختمة كراهية المشقة على من خلفه، والتقدير بحال الناس أولى، فإنه لو اتفق جماعة يرضون بالتطويل كان أفضل، كما قال أبو ذر: «قمنا مع النبي صلى الله عليه وسلم حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح، يعني السحور.وكان القارئ يقرأ بالمائتين».
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.صلاة الضحى:
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.1- فضلها:
ورد في فضل صلاة الضحى أحاديث كثيرة، نذكر منها ما يلي:
1- عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يصبح على كل سلامي من أحدكم صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تحمية صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزي من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى» رواه أحمد ومسلم وأبو داود.
2- ولأحمد وأبي داود عن بريدة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «في الإنسان ستون وثلاثمائة مفصل عليه أن يتصدق عن كل مفصل منها صدقة» قالوا فمن الذي يطيق ذلك يا رسول الله؟ قال: «النخامة في المسجد يدفنها أو الشئ ينحيه عن الطريق، فإن لم يقدر فركعتا الضحى تجزئ عنه».
قال الشوكاني: والحديثان يدلان على عظم فضل الضحى وكبر موقعها وتأكد مشروعيتها وأن ركعتيها تجزيان عن ثلثمائة وستين صدقة، وما كان كذلك فهو حقيق بالمواظبة والمداومة.
ويدلان أيضا على مشروعية الاستكثار من التسبيح والتحميد والتهليل، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، ودفن النخامة، وتنحية ما يؤذي المار عن الطريق وسائر أنواع الطاعات لنسقط بذلك ما على الإنسان من الصدقات اللازمة في كل يوم.
3- وعن النواس بن سمعان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «قال الله عزوجل: ابن آدم لا تعجزن عن أربع ركعات في أول النهار أكفك آخره» رواه الحاكم والطبراني ورجاله ثقات رواه أحمد والترمذي وأبو داود والنسائي عن نعيم الغطفاني بسند جيد.
ولفظ الترمذي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله تبارك وتعالى: «إن الله تعالى قال: ابن آدم اركع لي أربع ركعات من أول النهار أكفك آخره».
4- عن عبد الله بن عمرو قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فغنموا وأسرعوا الرجعة، فتحدث الناس بقرب مغزاهم وكثرة غنيمتهم وسرعة رجعتهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أدلكم على أقرب منهم مغزى وأكثر غنيمة وأوشك رجعة؟ من توضأ ثم غدا إلى المسجد لسبحة الضحى فهو أقرب مغزى وأكثر غنيمة وأوشك رجعة» رواه أحمد والطبراني، وروى أبو يعلى نحوه.
5- وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث: «بصيام ثلاثة أيام في كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام». رواه البخاري ومسلم.
6- وعن أنس رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر صلى سبحة الضحى ثماني ركعات فلما انصرف قال: «إني صليت صلاة رغبة ورهبة، سألت ربي ثلاثا فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة: سألته ألا يبتلي أمتي بالسنين ففعل، وسألته ألا يظهر عليهم عدوهم ففعل، وسألته ألا يلبسهم شيعا فأبى علي» رواه أحمد والنسائي والحاكم وابن خزيمة وصححاه.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.2- حكمها:
صلاة الضحى عبادة مستحبة فمن شاء ثوابها فليؤدها وإلا فلا تثريب عليه في تركها، فعن أبي سعيد رضي الله عنه قال: «كان صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى حتى نقول لا يدعها، ويدعها حتى نقول لا يصليها» رواه الترمذي وحسنه.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.3- وقتها:
يبتدئ وقتها بارتفاع الشمس قدر رمح وينتهي حين الزوال ولكن المستحب أن تؤخر إلى أن ترتفع الشمس ويشتد الحر.
فعن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم على أهل قباء وهم يصلون الضحى فقال: «صلاة الاوابين إذا رمضت الفصال من الضحى». رواه أحمد ومسلم والترمذي.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.4- عدد ركعاتها:
أقل ركعاتها اثنتان كما تقدم في حديث أبي ذر وأكثر ما ثبت من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثماني ركعات، وأكثر ما ثبت من قوله اثنتا عشرة ركعة.
وقد ذهب قوم - منهم أبو جعفر الطبري وبه جزم المليمي والروياني من الشافعية - إلى أنه لاحد لاكثرها.
قال العراقي في شرح الترمذي: لم أر عن أحد من الصحابة والتابعين أنه حصرها في اثنتي عشرة ركعة. وكذا قال السيوطي.
وأخرج سعيد بن منصور عن الحسن أنه سئل: هل كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلونها؟ فقال: نعم..كان منهم من يصلي ركعتين، ومنهم من يصلي أربعا، ومنهم من يمد إلى نصف النهار.
وعن إبراهيم النخعي أن رجلا سأل الاسود بن يزيد: كم أصلي الضحى؟ قال: كما شئت.
وعن أم هانئ أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى سبحة الضحى ثماني ركعات يسلم من كل ركعتين رواه أبو داود بإسناد صحيح.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى أربع ركعات ويزيد ما شاء الله» رواه أحمد ومسلم وابن ماجه.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.صلاة الاستخارة:
يسن لمن أراد أمرا من الأمور المباحة والتبس عليه وجه الخير فيه أن يصلي ركعتين من غير الفريضة ولو كانتا من السنن الراتبة أو تحية المسجد في أي وقت من الليل أو النهار يقرأ فيهما بما شاء بعد الفاتحة، ثم يحمد الله ويصلي على نبيه صلى الله عليه وسلم ثم يدعو بالدعاء الذي رواه البخاري من حديث جابر رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن بقول: «إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل: اللهم أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال: عاجل أمري وآجله فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه. وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال: عاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني به» قال: ويسمي حاجته: أي يسمي حاجته عند قوله: «اللهم إن كان هذا الأمر».
ولم يصح في القراءة فيها شيء مخصوص، كما لم يصح شيء في استحباب تكرارها.
قال النووي: ينبغي أن يفعل بعد الاستخارة ما ينشرح له، فلا ينبغي أن يعتمد على انشراح كان فيه هوى قبل الاستخارة، بل ينبغي للمستخير ترك اختياره رأسا وإلا فلا يكون مستخيرا لله، بل يكون غير صادق في طلب الخيرة وفي التبري من العلم والقدرة وإثباتهما لله تعالى، فإذا صدق في ذلك تبرأ من الحول والقوة ومن اختياره لنفسه.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.صلاة التسبيح:
عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس ابن عبد المطلب: «يا عباس يا عماه، ألا أعطيك، ألا أمنحك، ألا أحبوك، ألا أفعل بك عشر خصال، إذا أنت فعلت ذلك غفر الله ذنبك أوله وآخره، وقديمه وحديثه، وخطأه وعمده، وصغيره وكبيره، وسره وعلانيته عشر خصال: أن تصلي أربع ركعات تقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب وسورة، فإذا فرغت من القراءة في أول ركعة فقل وأنت قائم: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر خمس عشرة، ثم تركع فتقول وأنت راكع عشرا ثم ترفع رأسك من الركوع فتقولها عشرا، ثم تهوي ساجدا فتقول وأنت ساجد عشرا، ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشرا، ثم تسجد فتقولها عشرا ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشرا فذلك خمس وسبعون في كل ركعة، تفعل ذلك في أربع ركعات وإن استطعت أن تصليها في كل يوم مرة فافعل، فإن لم تستطع ففي كل جمعة مرة، فإن لم تفعل ففي كل سنة مرة، فإن لم تفعل ففي عمرك مرة» رواه أبو داود وابن ماجه وابن خزيمة في صحيحه والطبراني.
قال الحافظ: وقد روي هذا الحديث من طرق كثيرة، وعن جامعة من الصحابة.
وأمثلها حديث عكرمة هذا، وقد صححه جماعة: منهم الحافظ أبو بكر الاجري، وشيخنا أبو محمد عبد الرحيم المصري، وشيخنا الحافظ أبو الحسن المقدسي رحمهم الله.
وقال ابن المبارك: صلاة التسبيح مرغب فيها، يستحب أن يعتادها في كل حين ولا يتغافل عنها.{{يتبع إن شاء الله}} 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

[مجلد 9][ مستدرك الحاكم ] المستدرك على الصحيحين محمد بن عبدالله أبو عبدالله الحاكم النيسابوري

  [مجلد 9][ مستدرك الحاكم ] المستدرك على الصحيحين محمد بن عبدالله أبو عبدالله الحاكم النيسابوري 8327 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد ا...